للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعض القراء يترجم له في قراءتهما بسكون الهاء، وهو ضعيف لما يؤدي إليه من التقاء الساكنين. وقرأ حمزة والكسائي (يهدي) بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال (١)، وهو مضارع هدى، فلا إشكال فيه. والاستثناء مفرغ لأن المعنى: أم من لا يهدي بسبب من الأسباب إلا بأن يهدي. والقياس مجيء الباء في مثله، مثل قوله: ما مررت إلا بزيد. إلا أنه حسن حذفها ههنا لمجيئها مع أن، وحروف الجر تحذف مع أن وأن، وتثبت قياساً مطرداً، لذلك حسن الحذف. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٦٢]

[معنى "ما" في قوله تعالى: {ما يتذكر فيه من تذكر}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {ما يتذكر فيه من تذكر} (٢): لا يستقيم أن تكون (ما) نافية لوجهين: من حيث اللفظ ومن حيث المعنى. أما اللفظ فلأنها يجب قطعها عن (نعمركم) من حيث أن (نعمركم) لا يجوز أن يكون النفي من معموله، وهو خلاف الظاهر. وأيضاً فإن الضمير يرجع إلى غير مذكور في قوله: فيه، وأما من حيث المعنى فلأن قوله: أو لم نعمركم، إنما سيق لإثبات التعمير وتوبيخهم على تركهم التذكير فيه. فإذا جعل قوله: ما يتذكر، نفياً، كان فيه إخبار عن نفي تذكير متذكر فيه، فظاهره على ذلك نفي التعمير، لأنه إذا كان زماناً لا يتذكر فيه متذكر لزم أن لا يكون تعميراً، وهو خلاف قوله: أولم نعمركم (٣). والله أعلم بالصواب.


(١) وهي أيضاً قراءة خلف ويحيى الأعمش. البحر المحيط ٥/ ١٥٦.
(٢) فاطر: ٣٧. وقبلها قوله تعالى: "أو لم نعمركم".
(٣) قال أبو البقاء: "أي زمن ما يتذكر، أو أن تكون نكرة موصوفة". إملاء ما من به الرحمن، ٢/ ٢٠١. ويلاحظ أن ابن الحاجب لم يذكر رأيه فيها، واكتفى بقوله: إنها ليست نافية. وهذا مما يؤخذ عليه أحياناً في بعض إملاءاته فقد يطرح مسألة ولا يذكر جوابها أو رأيه فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>