للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أنه إنما صح الابتداء ههنا بالجملة لأنها مأولة مع حرف الاستفهام بالمصدر المعرفة. وإنما جيء بهمزة الاستفهام المعادلة لـ "أم" لإفادة تحقيق معنى التسوية على ما ذكرناه في غير موضع (١). فوزان ذلك وإن كان مخصوصا بهذا المحل وزان الجملة الواقعة مع "أن" و "ما"، كقولك: أن تحسن خير لك. فكما صح وقوع هذه الجملة مع "أن" و"ما" مبتدأ لكونه متأولا بمصدر معرفة صح وقوع هذه الجملة أيضا مبتدأ لوقوعها موقع المصدر المعرفة في المعنى.

[إملاء ١٣٩]

[علة جعل الإعراب آخر الكلمة]

وقال: إنما جعل الإعراب آخر الكلمة ولم يجعل لا أولا ولا وسطا، لأنه ليس مم تعد حركته وسكونه من بنية الكلمة، بدليل أنه محل التغير والوقف والحذف بخلاف غيره (٢). فلو وضع الإعراب في غيره لأدى إلى الإخلال بالبنية وإلى اللبس. فإنه لا يدرى حينئذ هل حركته لبناء الصيغة أو للإعراب. ويجوز أن يقال: إن الإعراب دليل معان زائدة على معقولية المدلول، فلا ينبغي أن يؤتى بها إلا بعد ثبوت ذكر المدلول، وذلك يقتضي أن يكون آخرا، لأنه لا يثبت ذكر المدلول حتى تتم صيغته. فلو جعل في أوله أو وسطه لكان دالا على شيء قبل ثبوت ما يتوقف عليه (٣).


(١) انظر: الإملاء (٥٨) من هذا القسم. ص: ٧٤٤.
(٢) انظر: مسائل خلافية في النحو لأبي البقاء العكبري مسألة ١٠ (حققه وقدم له الدكتور محمد خير الحلواني).
(٣) قال السيوطي: " وقال أبو اسحق الزجاج: كان أبو العباس المبرد يقول: لم يجعل الإعراب أولا لأن الأول تلزمه الحركة ضرورة للابتداء لأنه لا يبتدأ إلا بمتحرك، ولا يوقف إلا على ساكن، فلما كانت الحركة تلزمه لم تدخل عليه حركة الإعراب، لأن حركتين لا تجتمعان في حرف واحد، فلما فات وقوعه أولا لم يمكن أن يجعل وسطا، لأن أوساط الأسماء مختلفة لأنها تكون ثلاثية ورباعية وخماسية وسداسية وسباعية وأوساطها مختلفة، فلما فات ذلك جعل آخرا بعد كمال الاسم ببنائه وحركاته". الأشباه والنظائر ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>