وقال ممليا: إذا ورد على علة بناء "من" الموصوفة أنها إنما بنيت لافتقارها إلى صفتها كافتقار الموصول إلى الصلة، الأسماء التي لا تعقل إلا مضافة مثل "كل" و"بعض" وشبهه (١)، فإنها مفتقرة إلى المضاف إليه كافتقار الموصول إلى صلته. فجوابه من وجهين: أحدهما: أن كلا وبعضا ونحوهما قد ثبت لها القطع، فصح فيها، بخلاف "من" الموصوفة فإنه لم يثبت قطعها عن صفتها أصلا، فحصل الفرق بينهما باعتبار أن الملازمة ههنا لا تنفك، والملازمة ثم قد انفكت. الثاني: أن افتقار الشيء الى صفة لموصوف الموصول الذي قام الموصول مقامه. وكذلك إذا قلت: جاءني الرجل الذي ضربته، فـ "الذي" في الحقيقة صفة للرجل، ولولا "ضربته" لم تتقوم وضفيته به لأنه لم يوضع إلا ليتوصل به إلى وصف المعارف بالجمل. فأنت إذا حذفت موصوف الموصول صار الموصول قائما مقامه ونائبا منابه، فصارت الصلة لذلك صفة في المعنى له. فلما كانت "من" الموصوفة بهذه المثابة في احتياجها إلى موصوف بنيت لشبهها بالموصول.