حضر، غلب على ظنه أن المراد سيبويه وحضر موت، قبل تمامه، بخلاف ما لو سمعه يقول: يا ويه ويا موت، فإنه لا يفهم ذلك. وهذا بعينه جار في المفردات. ألا ترى أن من سمع: يا حار، يفهم حارثا، ولو سمع الثاء ونحوها لم يفهم شيئا. فلما كان المقصود من الاسمين يحصل بالأول، واحتيج إلى الحذف كان حذف الثاني أوجب (١).
[إملاء ٧٣]
[جواز وصف "كل" وجواز وصف مضافها دونها]
وقال ممليا: القياس في "كل" أن يوصف مضافها دونها، فيقال: كل رجل عاقل جاءني. هذا هو الفصيح، ويجوز عكسه، فتقول: عاقل، بالرفع وصفا لـ "كل". وفي غير هذا الباب يجوز الوصف على حسب مراد المتكلم، فتقول: جاء غلام زيد، إن شئت وصفت الغلام، وإن شئت وصفت زيدا. والفرق بينهما: أن "كل" ومضافها لشيء واحد، وإنما جيء بـ "كل" لإفادة الإحاطة، وأضيفت إلى ما تضاف إليه لإفادة الحقيقة المقصودة بالإحاطة، فكان وصف المقصود بالذات وهو المضاف إليه أولى من وصف "كل" لأنها
(١) قال الرضي في شرح الشافية: " اعلم أن جميع أقسام المركبات ينسب إلى صدرها سواء كانت جملة محكية كتأبط شرا، أو غير جملة، وسواء كان الثاني في غير الجملة متضمنا للحرف كخمسة عشر وبيت بيت، أو لا كبعلبك. وكذا ينسب إلى صدر المركب من المضاف والمضاف إليه على تفصيل يأتي فيه خاصة. وإنما حذف من جميع الركبات أحد الجزأين في النسب كراهة استثقال زيادة حف النسب مع ثقله على ما هو ثقيل بسبب التركيب". ثم قال: "وإنما حذف الثاني دون الأول لأن الثقل منه نشأ، وموضع التغيير الآخر، والمتصدر محترم، وأجاز الجرمي النسبة إلى الأول أو إلى الثاني أيهما شئت في الجملة أو في غيرها" ٢/ ٧١.