للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٣٩]

[إعراب قوله تعالى: {سواء محياهم ومماتهم}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة ثماني عشرة على قوله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم} (١):

في نصب (سواء) أقوال (٢): أحدها: أن يكون مفعولاً بعد مفعول لجعل (٣)، فيكون (كالذين)، و (سواء) في درجة واحدة باعتبار المفعول الثاني، كما تقول: جعلت زيداً عالماً كريماً، فعالما كريما وشبهه ولو تعددت آلافاً مفعول ثان لأن الجميع في معنى واحد باعتبار تعلق الجعل به، وهي كأخبار المبتدأ إذا تعددت، فيكون التقدير: أحسب المجترحون أن نجعلهم مماثلين مستوين في الحياة والممات،‘ أي: هذا ليس بكائن.

ويجوز أن يكون (سواء) حالاً من (الذين آمنوا)، ويكون المفعول الثاني (كالذين) وحده وما في حيزه، أي: أحسبوا أن نجعلهم مماثلين للمؤمنين في حال كون المؤمنين مستوياً محياهم ومماتهم، وهذا إذا كان المعنى على أن المؤمنين قُصد إلى أنهم مستو محياهم ومماتهم، على معنى: أنهم لا يعذبون بعد الممات كما لا يعذبون في الحياة. فأما إذا قُصد أن الكفار هم الذين استوى محياهم ومماتهم على معنى: أنهم لا ينعمون بجنة بعدها كما لم ينعموا بجنة في الحياة، فيكون الإعراب على غير ذلك، وهو أن (سواء) يتعين لأن يكون حالاً من الضمير في (نجعلهم)، لأن المراد أن حالهم قد استوت في حال حياتهم وموتهم، فيصير المعنى: أحسبوا أن نجعلهم في


(١) الجاثية: ٢١.
(٢) والنصب قراءة حمزة والكسائي والأعمش، القرطبي ١٦/ ١٦٥.
(٣) جعله أبو البقاء مفعولاً ثانياً لحسب وليس لجعل. إملاء ما من به الرحمن ٢/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>