للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"احتمل"، فوجب أن يكون متعلقاً بالنفي إذ هو المسبب في المعنى، لأن المعنى: انتفت مقاربة الاحتمال من أجل الاقتار. ألا ترى أنك (١) لو قلت لمن قال: انتفت مقاربة الاحتمال: ما سبب ذلك؟ لصح أن يقول: سببه الاقتتار. ولو قلت لمن قال: ما سبب مقاربة الاحتمال أو ما سبب الاحتال؟ وقال: سببه الاقتتار، لكان فاسداً. فهذا مما يوضح أنه تعليل للنفي، غير مستقيم أن يكون تعليلاً لـ "أحتمل" أو "أكاد".

[إملاء ٧٦]

[وضع الضمير المتصل موضع المنفصل]

وقال أيضاً ممليا بدمشق سنة ثماني عشرة على قول الشاعر في المفصل (٢) وهو:

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاوزنا إلاك ديار (٣)

معناه: إذا حصلت مجاورتك فانتفاء مجاورة كل أحد مغتفرة غير مبالي بها، لأن مجاورتك هي المقصودة دون جميع المجاورات. و"أن لا يجاورنا" في موضع مفعول. إما على تقدير حذف حرف الجر، كقولك: ما باليت بزيد، أو على التعدي بنفسه، كقولك: ما باليت زيداً. وديار: فاعل لـ "يجاورنا". وموضع الاستشهاد قوله: إلاك، لوضعه الضمير المتصل موضع المنفصل. والأصل أن لا يجاورنا إلا إياك ديار، لأنه مستثنى مقدم على المستثنى منه، فوجب أن يكون منصوباً كقولك: ما جاءني إلا أخاك أحد، فعدل عن لفظ


(١) ألا ترى أنك: سقطت من د.
(٢) ص ١٢٩.
(٣) هذا البيت من البسيط ولم يعرف قائله. وهو من شواهد الرضي ٢/ ١٤، والخصائص ١/ ٣٠٧، والمغني ٢/ ٤٩٢ (دمشق)، والخزانة ٢/ ٤٠٥، وقد ذكر المؤلف موضع استشهاده ومعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>