للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإسلام (١)، ومفارقته، فمعناه: أثبوا على الإسلام حتى يأتيكم الموت. ولما كان الموت هو غاية هذا المطلوب أخذ فعله، وصير كأنه المنهي عنه تنبيهاً على أن المقصود دوام ذلك إليه. فهو من باب النهي عن المسبب والمراد السبب، لأن مفارقته للإسلام سبب لموته على غيره. ولما كان المقصود ذلك المسبب على تلك الحال جعل الفعل المنهي عنه تنبيهاً على هذا المقصود (٢). والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٤٣]

[تقديم الوصية على الدين في قوله تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين}]

وقال أيضاً مملياً بالقاهرة سنة خمس عشرة على قوله تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} (٣).

إنما قدمت الوصية على الدين والدين أقوى من الوصية، وتقدمه ما هو الأقوى هو الوجه (٤). والجواب: أن "أو" حكمها في كلام العرب والقرآن حكم الاستثناء في أن ما بعدها يدفع ما قبلها. والدليل على ذلك قوله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون} (٥)، فإن الإسلام، دافع للمقاتلة، فكأنه قال:


(١) في ب، س: الإسلام.
(٢) قال القرطبي في تفسير هذه الآية: "ألزموا الإسلام ودوموا عليه ولا تفارقوه حتى تموتوا". ٢/ ١٣٦.
(٣) النساء: ١١.
(٤) قال الزمخشري: "فإن قلت: لم قدمت الوصية على الدين والدين مقدم عليها في الشريعة، قلت لما كانت الوصية مشبهة للميراث في كونها مأخوذة من غير عوض، كان إخراجها مما يشق على الورثة ويتعاظمهم ولا تطيب أنفسهم بها، فكان آداؤها مظنة للتفريط، بخلاف الدين، بعثاً على وجوبها والمسارعة إلى إخراجها مع الدين، ولذلك جيء بكلمة أو للتسوية بينهما في الوجوب". الكشاف ١/ ٥٠٨.
(٥) الفتح: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>