للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لكما) به. وقال قوم: متعلق بمحذوف مستقل كأنه قال: إرادتي لكما أو تخصيصي لكما، فكأنها عندهم جملة معترضة جيء بها لغرض التخصيص. وقال قوم: متعلق بما تعلق به قوله (من الناصحين) لأن (من الناصحين) واقع خبراً متعلق بمحذوف باتفاق، فيتعلق أيضاً به (لكما)، كأنه قال: إني حاصل من الناصحين لكما، فيجعل المعنى أن اللام أوصلت معنى حصول النصح للمخاطبين، لا أنها متعلقة بالنصح، وكله تعسف لا حاجة إليه. والله أعلم.

[إملاء ١٣٧]

[معنى قوله تعالى: {وما علمي بما كانوا يعملون}]

وقال مملياً على قوله تعالى: {قال وما علمي بما كانوا يعملون} (١):

إن كان المراد بـ (الأرذلون) (٢) أصحاب الصناعات الخسيسة على معنى الاستهانة بهم لحاقرتهم عندهم باعتبار صنائعهم، فيكون معنى قوله: وما علمي، على معنى نفي أن يفيد العلم بالصنائع أحوال أصحابها وبواطنهم، أي: أن الصنائع لا اعتبار بها إذا كانت الديانة مستقيمة. ولذلك أعقبه بقوله: {إن حسابهم إلا على ربي}. والحساب إنما يكون باعتبار أفعال الديانات، فنبه على أن المراد ذاك لا غيره. وإن كان المراد: واتبعك الأرذلون، باعتبار أفعال الديانات إما لأن صنائعهم دلت على ذلك في اعتقادهم على سبيل التحكم منهم، فيكون (وما علمي) نفياً لما ادعوه، أي: أن ذلك غير معلوم لي فلا يكون معلوماً لكم، فكأنه رد عليهم ادعاءهم بعلم بواطنهم، وأعقبه بقوله: إن حسابهم إلا على ربي، تنبيهاً على أن ذلك مما لا يعلمه إلا الله (٣). والباء


(١) الشعراء: ١١٢.
(٢) في الآية السابقة وهي قوله تعالى: "قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون".
(٣) قال القرطبي في معناها: "أي لم أكلف العلم بأعمالهم، إنما كلفت أن أدعوهم إلى الإيمان، والاعتبار بالإيمان لا بالحرف والصنائع". ١ الجامع لأحكام القرآن ١٣/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>