للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} (١)، فذكّر الضمير العائد على الإخفاء. ولو قصد الصدقات لقال: فهي. فلئن (٢) قيل لِم أنَّث والذي عاد عليه مذكر؟ فالجواب: أن هذا على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، كقولك: القرية اسألها، فلما حذفت المضاف، بقي المضاف إليه على حالة، والتقدير: إبداؤها. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ١٤]

[الجواب على إشكالين في قوله تعالى: "فتذكر إحداهما الأخرى"]

وقال أيضاً مملياً بالقاهرة سنة ست عشرة على قوله تعالى: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (٣):

فيه إشكالان: أحدهما: أن قوله: أن تضل، ذُكر تعليلاً لاستشهاد المرأتين موضع رجل، ولا يستقيم في الظاهر أن يكون الضلال تعليلاً للاستشهاد، وإنما العلة التذكير. والإشكال الثاني: قال: فتذكر إحداهما الأخرى، وقياس الكلام في مثل ذلك أن يقال: فتذكرها الأخرى، لأنه قد تقدم الذكر، فلم يحتج إلى إعادة الظاهر (٤).

والجواب عن الأول: أن التعليل في التحقيق هو للتذكير، ومن شأن لغة العرب إذا ذكروا علة، وكان للعلة علة قدموا ذكر علة العلة، وجعلوا العلة معطوفة عليها بالفاء لتحصل الدلالتان معا بعبارة واحدة، كقولك: أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمها؛ فالإدعام هو العلة في إعداد الخشبة،


(١) البقرة: ٢٧١.
(٢) في م: فإن. وفي س: فإن قلت.
(٣) البقرة: ٢٨٢. وقبلها: "فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء".
(٤) في م: فلم يحتج إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>