للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٩٧]

[إعراب "غير" في قوله تعالى: {غير أولى الضرر}]

وقال أيضاً ممليا بالقاهرة سنة أربع عشرة على قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر} (١):

قال القسوى (٢) وغيره من النحويين: إن غير في الرفع صفة للقاعدين (٣)، وذلك أن غير نكرة وإن أضيفت إلى المعارف لشدة إبهامها، فكيف يستقيم على هذا أن تكون صفة؟. فإن أجيب عن ذلك: بأن هذا مثل قوله تعالى: {أنعمت عليهم غير المغضوب} (٤) لما كانا محصورين. فإذا قلت: مررت بالمسلم غير الكافر جرت ههنا وصفا لانحصار الضدين. فنقول: الفرق بينهما أنه ليس في ذلك انحصار، لأن القاعدين المضرورين وغير أولى الضرر ليس فيه حصر بخلاف المسلم والكافر، فلا يلزم من الجواز ثم الجواز ههنا، لأنه ههنا كقولك: مررت بالرجل غير العالم. وإذا لم يستقم أن يكون صفة وجب أن يكون استثناء. وإذا وجب أن يكون استثناء فالمختار الرفع. ألا ترى أنك إذا قلت: لا يستوي القاعدون إلا أولو الضرر، كان الرفع هو الوجه، وكان النصب على الاستثناء جائزاً. وإذا ثبت ذلك كان الرفع أقوى من النصب (٥). فإذا جاز النصب على الاستثناء مع ضعفه فلأن يجوز الرفع مع قوته أولى.


(١) النساء: ٩٥.
(٢) الفسوي هو أبو علي الفارسي. انظر الإيضاح العضدي ١/ ٢٠٩.
(٣) انظر سيبويه ٢/ ٣٣٢، والكشاف ١/ ٥٥٥، ومعاني القرآن للفراء ١/ ٢٨٣.
(٤) الفاتحة: ٧.
(٥) قال الفراء: "يرفع غير لتكون كالنعت للقاعدين. وقد ذكر أن غير نزلت بعد أن فضل المجاهد على القاعد، فكان الوجه فيه الاستثناء والنصب. إلا أن اقتران غير بالقاعدين يكاد يوجب الرفع، لأن الاستثناء ينبغي أن يكون بعد التمام". معاني القرآن ١/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>