للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففتحوا الهاء لالتقاء الساكنين، وخصت بالفتح تنبيها على حركة ما أسكن للإدغام، كما ضموا في "يرد"، وكسروا في "يفر"، وفتحوا في "يعض"، وأصله: يردد ويفرر ويعضض. وهذه أوضح قراءات التشديد في هذا الحرف. وقرأ حفص (يهدي) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال (١)، وأصله كما تقدم، والإدغام كالإدغام، إلا أنه كسرت الهاء لالتقاء الساكنين، ولم يراع ذلك الأصل المتقدم من حيث كان ذلك الأصل للتنبيه على ما تختلف حركته، لأن عين الفعل تكون مفتوحة ومضمومة ومكسورة، فلو لم يفعلوا ذلك لأدى إلى اللبس بخلافه ههنا، فإن تاء الافتعال لا يلبس أمرها في أنها بالفتح، فلا حاجة إلى تنبيه عليها، فلذلك كسر الأول من الساكنين على أصل الساكنين. وقرأ أبو بكر مثل حفص، إلا أنه بكسر الياء (٢)، ووجهه كوجهه، وكسر الياء لاتباع الهاء، لما في الهاء من الخفاء، فلما كسرت أشبهت الياء فكسر ما قبلها لذلك. وقرأ أبو عمرو وقالون (٣) (يهدي) بفتح الياء وإخفاء فتحة الهاء وتشديد الدال، وأصله أيضاً: يهتدي. وعلة الإدغام كما تقدم، إلا أنه لم تمكن فتحة الاء ولم تبق ساكنة جمعاً بين أصلها وعارضها. لأن أصلها الإسكان، والعارض يقتضي التحريك فسلك أمر بين أمرين لإمكانه، ولم يسلك ما سلك في "يرد" كما تقدم من أن الحركة ثم مقصودة بالمحافظة بخلافها ههنا.


(١) ونسبت هذه القراءة لعاصم. إعراب القرآن النحاس ٢/ ٥٩.
(٢) ونقل النحاس عن الكسائي أنها قراءة عاصم. إعراب القرآن ٢/ ٥٩.
(٣) هو عيسى بن مينا بن وردان، قرأ على نافع واختص به كثيراً، فيقال إنه كان ابن زوجته وهو الذي لقبه قالون لقراءاته، فإن قالون بلغة الروم جيد، ولد سنة ١٢٠ هـ وتوفي سنة ٢٢٠ هـ. انظر النشر في القراءات العشر ١/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>