للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستفاداً من غير تأويل، لأن (كل) داخلة عليه وهو نكرة غير مضاف، كقولك: ضرب كلّ رجل، فلا تبقى الكلية مستفادة إلا في آحاد جنسه، ولا يبقى على هذه القراءة إلا وصف القلب بقوله: متكبر جبار، وهو من صفة الجملة، وهو قريب بوجه من المعنى حسن، وذلك أن العرب تصف الجزء الذي يصح نسبة ذلك المعنى له على الحقيقة بما تصف به الجملة، كما تنسبه إليه (١)، كقولك: أبصرته عيني وسمعته أذني وفهمه قلبي. ومنه قوله تعالى: "فإنه آثم قلبه" (٢)، "وقلوبهم وجلة" (٣)، وأشباه ذلك كثير. ولو قيل إنه في الحقيقة صفته ووصف الجملة به لضرب من السعة لكان صواباً، ولكنه كثر ذلك حتى صار كأنه الأصل.

وقرأ باقي القراء بإضافة (قلب) إلى (متكبر) فلا يستفاد العموم في القلوب من الظاهر، ولابد من التأويل لأنه لما أضفت (قلب) إلى (متكبر)، و (متكبر) مفرد غير مضاف إليه (كل) وجب أن يبقى على حكم الإفراد، كما في قولك: أكلت كل رغيف زيد أو كل رغيف إنسان. وإذا بطل العموم في ذلك بطل العموم (٤) فيما أضيف (٥) إليه (كل)، لأنه إنما يعم إذا لم ينسب إلى ما يبطل العموم فيه. وإذا بطل العموم فيما أضيف إليه (كل) وجب حمل الكلية على أجزاء ذلك الواحد لأنه لو عم في الأول لعم في الثاني، وقد بطل التعميم في الثاني. ولو عم في الأول من غير الثاني لم يستقم لأنه ليس للمتكبّر الواحد قلوب حتى يعم قولك: كل قلب، المضاف إليه باعتبارها، فوجب تأويل الآي؛ لأن المعنى الذي سيقت له الإخبار بالطبع على جميع قلوب كل متكبر، وذلك حاصل


(١) ي س: إليك. وهو تحريف.
(٢) البقرة: ٢٨٣.
(٣) المؤمنون: ٦٠.
(٤) بطل العموم: سقطت من د.
(٥) في د: أضيفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>