للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفات ورأيت عرفات ومررت بعرفات (١)، وليس بشيء. وذهب قوم إلى أنها منصرفة لعدم ما يمنع الصرف (٢)، وليس بجيد.

الدليل على المذهب الأول: أن المنصرف عبارة عما يقبل الحركات الثلاث والتنوين لفظاً أو تقديراً، وهذا ليس كذلك (٣). وغير المنصرف ما يمتنع من الجر والتنوين لعلتين، وهذا ليس كذلك.

فإن قال أصحاب المذهب الثاني: فهو ممتنع عندنا من الخفض والتنوين لوجود العلتين. قلنا: هذا فاسد من جهة أن الجموع إذا سمي بها بقيت على حالها التي كانت عليه قبل التسمية في الإعراب. ألا ترى أنك لو سميت بزيدون امرأة، لقلت: هذه زيدون ورأيت زيدين ومررت بزيدين. فإن قالوا: في "زيدون" إذا سميت به وجه آخر، وهو أن تقول: هذه زيدين (٤)، وإنما قبل: زيدين بالياء ولم يقل زيدون بالواو لأن الياء أخف، ولأنه أكثر، ورأيت زيدين ومررت بزيدين، فتعربه بأعراب المفرد غير المنصرف إن كانت فيه علتان، وبإعراب المنصرف إن لم يكن فيه علتان. قلنا: إنما كان كذلك من جهة أنه معرب بالحروف، وهو خلاف إعراب المفردات، فجعل له وجه آخر ليشبه المفرد في إعرابه لما جعل في المعنى اسما لمفرد.

وأما عرفات وشبهه فهو معرب بالحركات، فلا يلزم من تغيير "زيدون" لما جعل مفردا لكونه معربا بالحروف أن يغير عرفات وليس معربا بالحروف.


(١) حكاه النحاس عن الأخفش والكوفيين. إعراب القرآن ١/ ٢٤٦.
(٢) قال سيبويه: "ألا ترى إلىعرفات مصروفة في كتاب الله عز وجل وهي معرفة، والدليل على ذلك قول العرب: هذه عرفات مباركاً فيها". الكتاب ٣/ ٢٣٣.
(٣) ليس: سقطت من س.
(٤) أي: يجري مجرى غسلين. فيعرب بحركات ظاهرة على النون.

<<  <  ج: ص:  >  >>