به المثل. وقد برع فيما درسه وأتقنه غاية الإتقان ولاسيما الأصول والعربية. وكان الأغلب عليه علم العربية فإنه برز في النحو حتى صار من كبار رجاله.
وتكرر دخول ابن الحاجب دمشق للاستفادة حيناً وللتدريس بها أحياناً. وآخر ما دخلها سنة (٦١٧ هـ)، إذ أقم بها مدرساً لجمهور من الدارسين في علمي القراءات والعربية، وقد انتفع به كثير من الناس.
ثم إن ابن الحاجب دافع عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام في إنكاره على الصالح إسماعيل صاحب دمشق سوء سيرته وتقاعسه ن قتال الصليبيين وصلحه معهم، فأمرهما بأن يخرجا من دمشق، فخرجا سنة (٦٣٨ هـ) وعادا معاً إلى مصر. وهناك تصدر بالمدرسة الفاضلية وجلس في موضع شيخه الشاطئ، وقصده الطلبة وأكبوا على الأخذ عنه.
ثم غادر القاهرة قاصداً الإسكندرية للإقامة فيها، إلا أن مدته هناك لم تطل حيث توفي يوم الخميس السادس والعشرين من شوال سنة (٦٤٦ هـ) ودفن في خارج الإسكندرية في المقبرة التي بين المنارة والبلد.
وقد رثاه ابن المنّير بهذه الأبيات:
ألا أيها المختال في مطرف العمر ... هلم إلى قبر الإمام أبي عمرو
ترى العلم والآداب والفضل والتقى ... ونيل المنى والعز غيبن في قبر
فتدعو له الرحمن دعوة رحمة ... يكافأ بها في مثل منزلة القفر