بالتركيب على ما ثبت من لغتهم سواء وقعت موقع ما لا إعراب له أو موقع ما له إعراب. ولذلك أجمعوا على أن سائر المبنيات إذا وقعت مركبة فإنها معربة محلاً، وإن كان واقعاً موقع ما لا إعراب له، فكذلك يجب ههنا. فالأولى أن ينظر فيما يكون إعرابها. وقد قيل في ذلك وجهان: أحدهما: أنه منصوب نصب المصدر، كأنك قلت في صلة: سكوتاً، أي: اسكت سكوتاً، فبني لكونه أقيم مقام اسكت، وكان موضعه نصباً لكونه واقعاً موقع "سكوتاً، فبني لكونه أقيم مقام اسكت، وكان موضعه نصباً لكونه واقعاً موقع "سكوتاً". والذي يدلك على ذلك أنك إذا قلت: رويد زيد، كان مصدراً لفظاً ومعنى، وإذا قلت: رويد زيداً، كان اسم فعل. وهو بمعناه، فوجب أن يكون موضعه نصباً على المصدر. وكذلك: بله زيداً وبله زيد.
وإذا ثبت أن نفس اسم الفعل قد استعملوه صريحاً في المصدر، وهو بمعناه إذا كان اسم فعل، علم أنه في حال اسميته للفعل نصب على المصدر، وكانت له جهتان هو باعتبار أحدهما واجب له النصب لكونه موضوعاً وضع المصدر في المعنى. وبالاعتبار الآخر وجب له البناء لكونه وقع موقع ما لا إعراب له.
والثاني في إعرابها: أن تكون مبتدأ ويكون الضمير فيها مرفوعاً على أنه فاعل. واستغنى عن الخبر كما استغنى عنه في: أقائم الزيدان؟ لاستقلال الجزئين كلاماً. وإنما حكمنا عليه بالابتداء لأنه اسم جرد عن العوامل اللفظية. كما أن "أقائم" مبتدأ لذلك. فالوجه الذي حكم على "أقائم" بأنه مبتدأ يجري مثله في قولك: صه ومه، في وجوب كونه مبتدأ. وهذا أجرى على قياس كلامهم، لأن إيقاع الاسم المجرد عن العوامل وإن لم يكن مخبرا عنه مبتدأ كثير كقولك: أقائم الزيدان؟ وما قائم الزيدان، وكذلك جميع هذا الباب، فقد ثبت مثل ذلك في لغتهم.