وتثبت القاعدة التي يتحدث عنها، والأمثلة تلائم الأمالي. فالأمالي أشبه بمحاضرات يلقيها الأستاذ، فالمفروض فيها التوسع في العبارة وكشف الرأي بالأمثلة، وابن الحاجب كان موفقاً في أمثلته، بحيث لم يدع مجالاً للشك فيما يريد توضيحه وهو بذلك يسير على نهج قويم، إذ الأمالي تعتبر شرحاً وتوضيحاً لما يشكل على تلاميذه من مسائل النحو، فهي بحاجة إلى ذكر الأمثلة. انظر إلى الإملاء (١٥) من قسم الأمالي القرآنية كيف أتى بمثال: حصير زيد راكباً سمار.
ومع هذا نجد ابن الحاجب له أسلوب في أماليه يختلف من قسم إلى قسم، فأسلوبه في قسم الأمالي القرآنية يختلف عن أسلوبه في قسم الأمالي على المفصل والأمالي على المقدمة. وهذا ما سوف أتعرض له عندما أتحدث عن أقسام الكتاب إن شاء الله. لكن الأسلوب العام الذي يتسم به الكتاب أنه يقوم على الطريقة العلمية في التفكير. فابن الحاجب يذكر في المسألة كل ما فيها من أوجه ممكنة، ثم يأتي على هذه الأوجه فيرى أن هذا الوجه يلزم منه باطل فهو فاسد، أوأنه يتنافى مع العقل أو يخالف القياس أو بعيد عن الاستعمال. ومن تعبيراته أيضاً: وليس ببعيد، وموضع الاستشهاد منه ظاهر، ولا قائل به، وهذا فيه نظر، والله أعلم بالصواب.
ويلاحظ أحياناً أنه كان يملي على الموضوع الواحد أكثر من مرة. والسبب في ذلك أنه كان يسأل في أوقات مختلفة فيجيب فيكتب تلاميذه إجابته. أضف إلى ذلك أنه كان يملي في مسائل متفرقة لم يجمعها موضوع واحد.