للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولك: جاء زيد، فإنه لا لبس فيهما ولا في تركيبهما. فإن لفظة "زيد" لا إبهام فيها. ولفظة "جاء" كذلك. ونسبة المجيء إلى زيد كذلك. فلذلك قال: في مفرد أو جملة. معناه: يكون الإبهام حاصلاً بخلاف قولك: جاء زيد، فإنه إبهام تقديري باعتبار الوجود وإن سلم وروده، فينبغي أن يريد في قوله: رفع الإبهام في جملة أو مفرد، عن ذات، والحال إنما هو رفع إبهام عن هيئات. وإذا وردت الصفة في النكرات فليس هو رفع إبهام في الموصوف وإنما هو تخصيص له. وإن كان في معرفة فليس الإبهام محققاً وإنما هو تقديري بعيد لاحتمال أن يقع. وأشكل ما يرد عليه صفة المشتركات كقولك: أعجبتني العين الباصرة. فإن العين تحتمل أشياء مختلفة كما يحتملها عشرون فيدخل في حد التمييز. والجواب: أن العين لها دلالة على كل واحد من مدلولاتها على البدل. وإنما جاء الإبهام اتفاقاً لأجل الاشتراك بخلاف، "عشرون" وشبهه، فإنه لا دلالة فيه على واحد من الذوات المخصوصة، والإبهام محقق، وقد حصل الفرق بما يخرج عن الحد. والتمييز لا يكون إلا في جملة، وإنما غرضه أن يكون الإبهام عن جملة تارة وعن مفرد أخرى. والفرق بينهما أنك إذا قلت: عشرون، كان الإبهام في نفس المفرد الذي هو عشرون. وإذا قلت: طاب زيد، فطاب ليس فيه إبهام، وزيد ليس فيه إبهام. وإنما نشأ الإبهام من نسبة الطيب إلى ما يتعلق بزيد، وهو ذوات مختلفة غير مذكورة (١)، فاحتاج إلى التبيين.

وقوله: "أبرحت جاراً" (٢). يجوز أن يكون الممدوح هو الجار، ويكون المعنى: أبرح جارك، أي: عظم جارك. ويجوز أن يكون هو نفس المذكور، أي: أبرحت باعتبار كونك جاراً.


(١) في س: مؤكدة. وهو تحريف.
(٢) انظر الإملاء (٦٩) من هذا القسم. ص: ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>