للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمعت فيه بين وجهيهما القويين (١). وعكس ذلك ضعيف فيهما جداً، لأنك جمعت فيهما بين وجهيهما الضعيفين. ونصبهما جميعاً ضعيف باعتبار الثاني دون الأول (٢). ورفعهما جميعاً ضعيف باعتبار الأول دون الثاني (٣).

وأما قوله:

إما أقمت وأما أنت مرتحلاً (٤)

فتقديره كما قال: لأن كنت منطلقاً انطلقت. فأن مصدرية موصولة بكان المحذوفة. ولما حذفت عوضت عنها ما يوجب أن يكون الفاعل منفصلا لحذف ما يتصل به، مثل قوله سبحانه: {قل لو أنتم تملكون} (٥).

ومنطلقاً: خبر كان. وجاز حذف "كان" على ما تقدم، وعوضت "ما" لأن "أن" موصولة بالفعل مقتضية له، ولم تعوض في "إن" وإن كانت مقتضية، لأمرين: أحدهما: أن "إن" أكثر في الاستعمال. والآخر: أن "ما" مع أن صلة له. فـ "أن" غير مسقتلة إلا بصلتها، وأما "إن" فمستقلة بمعناها، فلا يلزم من


(١) قال ابن الحاجب: "وإنما اختير نصب الأول ورفع الثاني، لأنا إذا نصبنا فالتقدير: وإن كان عمله خيراً، والمعنى عليه". الإيضاح ١/ ٣٨٠.
(٢) قال سيبويه: "ومن العرب من يقول: إن خنجراً فخنجراً، وإن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً". الكتاب ١/ ٢٥٨، والتقدير: إن كان عملهم خيراً فيجزون خيراً.
(٣) قال سيبويه: "وإن أضمرت الرافع كما أضمرت الناصب فهو عربي حسن، وذلك قولك: إن خير فخير". الكتاب ١/ ٢٥٩. والتقدير: إن كان في عملهم خير فجزاؤهم خير.
(٤) هذا صدر بيت من البسيط وعجزه: فالله يكلأ ما تأتي وما تذر. ولم ينسبه أحد لقائل. وهو من شواهد الخزانة ٢/ ٨٢، والرضي ١/ ٢٥٤، ومغنى اللبيب ١/ ٣٤ (دمشق). والشاهد فيه حذف كان بعد أن المصدرية. وأصله: لأن كنت مرتحلاً. حذفت اللام للاختصار، ثم حذفت "كان"، فانفصل الضمير ثم زيدت "ما" للتعويض.
(٥) الإسراء: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>