يظهر لفظاً، كقولك: لا غلام لك. فهذا إن قدرته مضافاً كانت الحركة حركة إعراب وإن قدرته منفصلاً كانت الحركة حركة بناء، إذ لا أثر للإضافة في مثله في هذا الموضع إلا حذف التنوين وهو أثر البناء، فيصير لفظ الإعراب ولفظ البناء فيه سواء.
فأما وجه اللغة الأولى فواضح وهو الشائع الكثير. وأما وجه اللغة الثانية فقد ذكر صاحب الكتاب أنهم قصدوا إلى الإضافة، وإذا كان مضافاً فحكم الإضافة فيه هو ذلك الحكم. وجعل اللام مزيدة توكيداً للإضافة. زيدت مع قصد الإضافة، ليوفر على "لا" من حيث اللفظ ما يقتضيه من التنكير، وهو معنى قوله:"وقضاء من حق المنفي في التنكير بما يظهر بها من صورة الانفصال"(١). فجعله مضافاً من حيث المعنى، وجعل اللام زائدة لقصد صورة الانفصال. وهذا غير مستقيم في المعنى، ولو كان معرفة لم يجز دخول "لا" عليه. و"لا" لا تدخل إلا على النكرات. ولا ينفعه أن دخول "لا" تجعله في الصورة نكرة، لأن امتناع دخول "لا" على المعارف لأمر معنوي لا لأمر لفظي. الثاني: أنا قاطعون بأن: لا أب لك، بمعنى لا أبا لك. و"لا أب لك" غير مضاف في المعنى، فيجب أن يكون: لا ابا لك، غير مضاف في المعنى. والأولى أن يقال: إنه في المعنى غير مضاف ولكنه أشبه المضاف من جهة أنك إذا قلت: غلام زيد، وغلام لزيد، فكلا اللفظين متفق على أن المعنى نسبة الغلام إلى زيد، وإن كان في الحذف معنى زائد باعتبار زيادةة خصوصية. وإذا ثبت ذلك فقد صار ما وجد فيه اللام وما لم يوجد مشتركين في أصل النسبة.
(١) قال ابن يعيش: "يريد أن زيادة اللام في: لا أبالك، أفادت أمرين: أحدهما: تأكيد الإضافة، والآخر: لفظ التنكير لفصلها بين المضاف والمضاف إليه. فاللام مقحمة غير معتد بها من جهة ثبات الألف في الأب ومن جهة تهيئة الاسم لعمل لا فيه يعتد بها". شرح المفصل ٢/ ١٠٧.