للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موافقة للقياس، لأنهم يزعمون أن كل حرف لا اختصاص له بواحد من الأسماء والأفعال لا عمل له في أحدهما، و"ما" و"لا" كذلك. ووجهه أن الشبه لما قوي بين "ما" و"ليس"، أجريت مجراها في العمل، وخولف ذلك القياس لقوة الشبه.

قوله: "وبنو تميم يقرأون: {ما هذا بشر}، ليس بجيد، لأن هذه القراءة إن كانت لهم جائزة قبل المصحف فلا تنسخ بوجود المصحف، وإن لم تكن لهم جائزة فقد نسبهم إلى الجهل وارتكاب المحظورات.

وقوله: "فإذا انتقض النفي بإلا، أو تقدم الخبر بطل العمل". أما إذا انتقض فلأنها شبهها باعتبار النفي، ولا نفي في الخبر مع وجود "إلا" فبطل. وأما التقدم فلأنها لم تقو قوة الأفعال فيتقدم منصوبها على مرفوعها. ودخول الباء في (١) الخبر إنما يصح على لغة أهل الحجاز، واستدل بقوله: "لأنك لا تقول: زيد بمنطلق". وهذا غير مستقيم لأنه لا يصح أن يقال: دخول الباء لأجل النفي في قولك: ما زيد بمنطلق، على اللغتين، ولم يستقم: زيد بمنطلق، لعدم النفي، كما تقول: ما لكم من إله، وأنت لا تقول: لكم من إله، ولا عمل لواحد منهما.

وقوله: "ولا التي يكسعونها (٢) بالتاء هي المشبهة بليس بعينها ولكنهم أبوا إلا أن يكون المنصوب بها حيناً".

اختلف الناس في "لا" هذه. فقال البصريون: هي "لا" المشبهة بليس لأنها ألحقت التاء المختصة بالأفعال، فلولا شبهها بالفعل لم تلحقها. وإذا كانت المشبهة بالفعل فهي التي بمعنى ليس أيضاً. فإن المعنى على قولك:


(١) في س: على.
(٢) معنى يكعسونها: يتبعونها. اللسان (كسع).

<<  <  ج: ص:  >  >>