للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الشاتمي ليحسب مثلي ... إنما أنت في الضلال تهيم

لا تسبنني فلست بسبي ... إن سبي من الرجال الكريم

...

قال ابن الأعرابي (١) ثالثها:

لا أبالي أنب بالحزن تبس ... أم لحساني لحاني بظهر غيب لئم

يهجو بهذا الشعر مسكين بن عامر الدارمي. معناه: أنك عالم بأن قدرك دون قدري، وأنك لست ممن يشاتمني. وإنما تفعل ذلك لتظهر بالمشاتمة أن ثم مماثلة لما يظهر بها في العادة مع علمك بخلافه. ثم رد بعجز البيت هذا الغرض الذي قصده، فقال: إنما أنت في الضلال تهيم. يعني: أن المشاتمة إنما يستدل بها على المماثلة عند تقارب الشخصين، فأما عند التباعد فلا، لوضوح نفيها، فجعله في فعله ذلك الذي لا يتم به الغرض المقصود عند العقلاء لركوبه التعاسيف التي تضر ولا تنفع، ولذلك قال: تهيم. يقال: هام على وجهه، إذا سلك غير الطريق. وموضع استشهاده في قوله: الشاتمي، في صحة إضافة ما فيه الألف واللام إلى المضمر المتصل، كقولك: الضاربي والضاراباتي. ومفعول ما لم يسم فاعله مضمر مستتر يعود على الشاتمي، لأنه بمعنى: الذي يشتمني. وهو وإن كان مخاطباً إلا أنه لما وصفه بالموصول (٢) أجرى الضمير على لفظ الغيبة كقولك: أنت الذي ضرب، وهو أحسن من


(١) هو محمد بن زياد أبو عبد الله بن الأعرابي. من موالي بني هاشم. كان عالماً باللغة والشعر. ولد سنة ١٥٠ هـ. من تصانيفه: النوادر، الأنواء، الخيل، معاني الشعر. توفي سنة ٢٣١ هـ وقيل ٢٣٣ هـ. انظر بغية الوعاة ١/ ١٠٥.
(٢) في الأصل: بالمجرور. وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>