ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام (١)
وقبله:
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والنعم الركام
يعني: إن يهلك هذا الرجل يذهب عنا بهلاكه ما كنا فيه من الخير والسعة والنصر، ونأخذ بعده في حال لا ترجى. ثم شبهها بالذناب، وجعل لها ظهراً مقطوعاً لا سنام له كله مبالغة في رداءة العيش الذي يكونون فيه بعده. وقوله: أجب الظهر، منصوب على التشبيه بالمفعول. و"أجب" مخفوض، علامة خفضه الفتحة، صفة لذناب أو عيش. ونصب "الظهر" كنصب الوجه في قولك: مررت برجل حسن الوجه، وهي لغة فصيحة على التشبيه بالمفعول. ومنهم من جعله نصباً على التمييز، ولا حاجة إليه لكونه معرفة، والتمييز المنصوب إنما يكون بالنكرات. وقول بعضهم: إنه تمييز وإنما أتى التعريف لما كان الخفض أكثر بالألف واللام، فمرنت ألسنتهم عليه، وقصدوا إلى التمييز، جرت ألسنتهم على اللام مع قصد التمييز، كما جرت على ضم اللام في: الحمد لله، لما مرنت ألسنتهم على الاتباع، ضعيف، ويكفي في ضعفه تشبيهه بـ (الحمد لله)، فإنه رديء إذ لم تعهد لام الجر مضمومة. وأيضاً فإنه كان يجب على هؤلاء أن يجيزوا خاتم الحديد، لأنه يقال: خاتم حديد، وخاتم الحديد، وخاتم حديداً، كما يجوز أجب ظهر وأجب الظهر وأجب ظهراً. فإن حسن "أجب الظهر" لما ذكروه، حسن "خاتم الحديد"، ولا قائل به.
(١) هذا البيت من الوافر وقائله النابغة الذبياني. انظر ديوانه ص ١١٠. ورواية الديوان: ونمسك بعده بذناب عيش. وهو من شواهد سيبويه ١/ ١٩٦، والمقتضب ٢/ ١٧٩، والرضي ٢/ ٣٠٩، وأمالي ابن الشجري ٢/ ١٤٣. والشاهد فيه أنه أعمل (أجب) في الظهر كما أعمل (حسن) في الوجه في قولك: مررت برجل حسن الوجه.