للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصرف (١). والتنوين فيه تنوين العوض خلافاً لبعضهم (٢). ودليله أن يقول: جمع على صيغة منتهى المجموع بغير هاء فوجب امتناعه من الصرف قياساً على ضوارب. فإن قيل: قياسكم على ضوارب لا يستقيم فيه الشرط المعتبر في منع الصرف، وهو أن يكون بعد الألف فيه حرفان أو ما يقوم مقام حرفين، فالأول: كمساجد وشبهه، والثاني: دواب وشبهه. وليس جوار كذلك في الصورة المفروضة، فقد انقطع الإلحاق. والجواب أن نقول: إن هذا فيه الشرط المذكور، فإنا نقطع باعتبار المحذوف في مثل ذلك، والذي يدل على اعتبار المحذوف أمران: أحدهما: أنا نقول: هذه جوار، بكسر الراء، اعتداداً بوجود الياء، ولو كانت الياء في حكم العدل لوجب أن نقول: هذه جوار، فدل ذلك على أنه ليس كسلام وكلام، فإن الخصم يقيس عليه، وسيذكر في معارضته. وإذا ثبت الاعتداد بها في هذا الحكم اللفظي حتى قدرت كالموجودة وجب الاعتداد بها في منع الصرف لأنه حكم لفظي مثله. والثاني: أنا متفقون على منع صرف أشقى وأحوى وما أشبهه. وأصله: أحوى، فالمانع فيه وزن الفعل والصفة. ووزن الفعل إنما يكون باعتبار الصيغة التي هي أفعل، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفاً


(١) قال سيبويه: "وأعلم أن كل شيء من بنات الياء والواو كان على هذه الصفة فإنه يتصرف في حال الجر والرفع، وذلك أنهم حذفوا الياء فخف عليهم فصار التنوين عوضاً. وإذا كان شيء منها في حال النصب نظرت: فإن كان نظيره من غير المعتلة مصروفاً صرفته، وإن كان غير مصروف لم تصرفه، لأنك تتم في حال النصب كما تتم غير بنات الياء والواو". الكتاب ٣/ ٣٠٨. وقد وقع الخلاف في فهم عبارة سيبويه. فمنهم من فسرها أن منع الصرف مقدم على الإعلال، ومنهم من فسرها أن الإعلال مقدم على منع الصرف. انظر الإملاء رقم (٧٩) من الأمالي على المقدمة والرضي ١/ ٥٨. والذي يظهر من كلام سيبويه أن التنوين عوض من الياء.
(٢) ومذهب أبي إسحاق الزجاج أن التنوين في جوار وغواش ونحوه بدل من الحركة الملقاة عن الياء في الرفع والجر لثقلهما. انظر: ما ينصرف وما لا ينصرف ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>