وبعد بحث طويل هداني الله إلى مخطوطة لعالم مشهور عاش خلال القرنين السادس والسابع الهجريين متنقلاً بين مصر والشام هو الإمام أبو عمرو عثمان بن الحاجب، وهذه المخطوطة هي كتابه:(الأمالي).
إن مصر والشام شهدا خلال هذين القرنين نشاطاً ثقافياً واسعاً نظراً لهجرة العلماء من الشرق والغرب إليهما. وابن الحاجب عاش في هذا الجو الثقافي واكتسب من العقول المهاجرة والمستقرة علوماً مختلفة جعلت منه قارئاً وأصولياً ونحويا. وقد طبقت شهرته الأفاق بما ألفه من كتب عظيمة في علوم شتى كالكافية والشافية والأمالي، ومختصر الفروع، وغيرها.
وكتاب الأمالي الذي اخترته موضوعاً للتحقيق هو مجلد ضخم. ذكره وأطراه بالمدح كلٌّ من ترجم لابن الحاجب. ولقد تجلت في هذا الكتاب براعة ابن الحاجب في النحو والفقه والقراءات والأصول. ومما يدل على أهميته وقيمته أن كثيراً من العلماء قد اطلعوا عليه وأفادوا منه، ومن هؤلاء السيوطي والبغدادي وابن هشام وغيرهم.
وقبل أن أقرر نهائياً تسجيل هذا الموضوع للقيام بتحقيقه ذهبت إلى مكتبة دار الكتب المصرية، حيث توجد نسخة قيمة من هذا الكتاب. وبعد أن اطلعت عليها زادت رغبتي في في تحقيقه، حيث وجدته سفراً عظيماً يحتوي على مسائل نافعة وفوائد جمة.
وبعون الله وتوفيقه فقد ذللت جميع الصعوبات التي واجهتني في التحقيق، ومنها حجم المخطوطة الكبير، وكثرة النسخ وتفرقها في مكتبات العالم.
ولقد أعطيت الموضوع كل ما في وسعي، وبذلت قصارى جهدي، كي يأتي البحث محققاً للهدف المطلوب.