للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه النون بالفعل المضارع لأنها مشبهة بالتنوين فخصوها به لكونه الأصل في الإعراب، وليس للماضي أصل فيه، فلم يناسب دخولها فيه. ودخلت في الأمر إجراء له مجراه قبل حذف حرف المضارع فأجري على أصله وإن خرج عن الإعراب على المذهب الصحيح (١). وإنما خصوه بالمستقبل لا ستغناء الحال غالبا عن التوكيد لوضوح أمره، بخلاف الغائب في الغالب فإنه غير متضح، فكان أحوج منه إلى التأكيد. واختصت بما فيه معنى الطلب لقصد المتكلم إرادة ما يطلبه غالبآ، فهو مؤكد عنده في طلب حصوله، فكان فيه مناسبة التأكيد دون غيره. وأجري مجراه القسم وإن لم يكن فيه طلب، لأنه إما غالبه أن يكون مرادا وإما لأن جميعه مقصود حصوله للصدق لا لحصوله في نفسه، فأجري مجرى ما المقصود منه الحصول (٢) وإنما لم تدخل النون في الحقيقة على فعل الاثنين وجماعة النساء (٣) كراهة اجتماع الساكنين على غير حدهما (٤) ... ،ودخلت الشديدة وإن التقى ساكنان لأنهما على حدهما. وإنما كسرت معها خاصة لما ثبت في غيرها من أن


(١) مذهب البصريين أن فعل الأمر مبني. ومذهب الكوفيين أمعرب مجزوم. انظر الإنصاف مسألة (٧٢).
(٢) وقد يلحقان أيضا الفعل إذا دخلت عليه ربما، وكثر ما، وقلما، أو زيدت قبله ما، قالوا: بجهد ما تبلغن. وقد تلحقان أيضا في الشعر الفعل في الجزاء بغير ما، والفعل المنفي بلم، والواجب. انظر المقرب لابن عصفور ٢/ ٧٤،٧٣.
(٣) "وأما يونس والكوفيون فجوزوا إلحاق الخفيفة بالمثني وجمع المؤنث. فبعد ذلك إما أن تبقى النون عندهم ساكنة وهو المروي عن يونس، لأن الألف قبلها كالحركة لما فيها من المدة كقراءة نافع (محياي) وقراءة أبي عمرو (واللاي) وإما أن تحرك بالكسر للساكنين، وعليه حمل قوله تعالى: (ولاتتبعان) بتخفيف النون"انظر الرضي على الكافية ٢/ ٥٠٤.
(٤) وحدهما أن يكون الأول حرف لين والثاني مدغمآ في نحو: دابة وخويصة. انظر المفصل ص٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>