الضارب الرجل، فله وجه، وهو أنهم شبهوه في الإضافة بما أفاد تخفيفا وهو قولهم: الحسن الوجه. ألا ترى أنهم شبهوا: حسن الوجه، في صحة الإضافة بباب: ضارب الرجل، فشبهوا الضارب الرجل، في صحة الإضافة بـ"الحسن الوجه". وأما "الضاربك" فإنما يصح لأنه محمول على "ضاربك" و"ضاربك" لا يستقيم اعتبار تحقيق التخفيف فيه (١). ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: ضاربنك ولا ضارب إياك. أما ضاربنك ففاسد للجمع بين مدلولين متناقضين، لأن التنوين يدل على الانفصال، والضمير المتصل يدل على الاتصال وهما متناقضان. وأما: ضارب إياك، فلا يستقيم، لأنهم لا يعدلون إلى المنفصل إلا بعد تعذر المتصل ولم يتعذر. وإذا وجبت إضافة "ضاربك" من غير اعتبار تحقيق التخفيف وجب صحة الضاربك. هذا إن قلنا: إن "الضاربك" مضاف. وأما من قال: إن الكاف في موضع نصب فلا يرد عليه بحال. فإن قيل: هذا يناقض ما ذكرتموه من أن الإضافة اللفظية لا تفيد إلا تخفيفا، قلنا: هو تخصيص له، والإضافة اللفظية في الغالب كذلك على ما قلناه، إلا في هذه المواضع التي خصصت لأجل المعاني التي قررت فيها، والتخصيص بعد التعميم ليس ببدع.
(١) لقد عقب الرضي على كلام ابن الحاجب في رده على الفراء بقوله: "وفيه نظر وذلك لأن الفراء أن يقول: إذا جاز لك حمل ذي اللام في "الضاربك" في وجوب الإضافة على المجرد منها لعلة في المجرد دون ذي اللام وهي اجتماع النقيضين لو لم يضف لما ذكرت أنهما من باب واحد، فهلا جاز لي حمل ذي اللام في الضارب زيد، على المجرد منها وهو: ضارب زيد في صحة الإضافة لعلة حاصلة في المجرد دون ذي اللام وهي حصول التخفيف بناء على أنهما من باب واحد. شرح الكافية ١/ ٢٨٣.