للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكرة، كقولك: أرجل في الدار أم امرأة؟. لأنهم لما علموا أن ذلك إنما يسأل به من ثبت عنده العلم بالنسبة إلى أحد الأمرين صار كأنه أمر ثابت له، فأشبه الصفة من حيث ثبوتها لموصوفها من غير قصد إلى إثباته مفيدا للمخاطب النسبة المفهومة منها، فاجتزأوا بذلك مصححا في الموضع الذي ألجأهم إلى تقديم المعنى الذي تقرر عندهم في العبارة عنه (١) بالهمزة وأم، لأنهم التزموا أن يكون أحد الأمرين اللذين علم أحدهما يلي الهمزة والأخر يلي "أم" قصدا منهم إلى التنبيه على ما حصل العلم بأحدهما من أول الأمر، فيقولون: أزيد قائم أم عمرو؟ وأقائم زيد أم قاعد؟ وأزيدا ضربت أم عمرا؟ وأضربت زيدا أم أكرمته؟ وأشباهه. ولا يقولون: أزيد قائم أم قاعد؟ وكذلك جميع الباب. فلما كان ذلك ملتزما عندهم في باب الهمزة المعادلة لـ "أم" المتصلة اجتزأوا بهذا النوع من التخصيص في صحة الابتداء بالنكرة. ومنها: أن تقع النكرة في سياق النفي كقولهم: ما أحد خير منك، لأن النكرة إذا وليها النفي وهي في الحقيقة لواحد لا بعينه لزم من ذلك نفي جميع الجنس، وإلا لم يصدق نفي واحد. فلما كان ذلك معلوما مقصودا صار كأنه نفي جميع الجنس، وجميع الجنس متخصص معروف فصح أن يكون مبتدأ لذلك (٢). وإن قلنا: إن النكرة في سياق النفي تعم جميع الجنس قصدا بدلالتها


(١) عنه: سقطت من م.
(٢) قال الرضي: "وفيه نظر، وذلك أن التخصيص أن يجعل لبعض من الجملة شيء ليس لسائر أمثاله. وأنت إذا قلت: ما أحد خير منك، فالقصد أن هذا الحكم وهو عدم الخبرية ثابت لكل فرد فرد، فلم يتخصص بعض الأفراد لأجل العموم بشيء، وكيف ذلك والخصوص ضد العموم. بل الحق أن يقال: إنما جاز ذلك لأنك عينت المحكوم عليه وهو كل فرد فرد. ولو حكمت بعدم الخبرية على واحد غير معين لم يحصل للمخاطب فائدة لعدم تعيين المحكوم" شرح الكافية ١/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>