للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون جملة" على اختلافهما من اسمية أو فعلية، لأن العرض الحكم على المبتدأ. وكما يصح الحكم بالمفرد يصح الحكم بالجملة إذا كان لها تعلق به. ومن ثم اشترط أن يكون فيها ضمير يعود على المبتدأ، فإن عري عن الضمير لم يجز. وقد يكون الضمير مقدرا إذا كان معلوما مثل: السمن منوان بدرهم، لأنه قد علم أن المراد: منوان منه بدرهم. قوله: "وما وقع ظرفا" (١)، فالأكثر أنه مقدر بجملة، كقولك: زيد في الدار، وزيد أمامك. ومنهم من يقول: هو من قبيل المفردات، فيقدر المتعلق مفردا (٢). وإنما قدر أولئك الجملة لأن المتعلق أصله أن يكون فعلا، لأن ما يقدر متعلقا لا بد فيه من معنى الفعل. وإنما كان كذلك لأنه في المعنى ظرف له، والظروف إنما تكون محلا للأفعال. وإذا كان محتاجا إلى متعلق فتقدير الأصل أولى. ومن قال: متعلق بمفرد، نظر إلى أنه خبر مبتدأ، وخبر المبتدأ أصله أن يكون مفردا، فقدر مفردا لذلك. والأول أولى من وجهين: أحدهما: أن وقوعه خبرا عارض ووقوعه متعلقا أصل، فكان اعتبار الأصل أولى. والثاني: أنه قد ثبت جواز دخول الفاء في مثل: كل رجل في الدار فله درهم (٣)، فلولا أن المتعلق مقدر بفعل لم يجز دخول الفاء، للاتفاق على أنه لو صرح بالاسم متعلقا لما صح دخول الفاء، فلأن يكون ذلك في التقدير أولى. ولما صح دخول الفاء ثبت أن يقدر مما يصح دخولها معه وهو الفعل، ووجب أن لا يقدر ما لا يصح دخولها معه وهو الاسم. وإذا ثبت تقدير الفعل في مثل هذه المسألة ثبت في جميع الباب، لأن المعنى في الجميع واحد.


(١) أي: ظرفا أو جارا ومجرورا. ولم يذكره لأنه يجري مجرى الظرف في جميع أحكامه.
(٢) وإلى ذلك ذهب ابن السراج وابن جني. الرضي على الكافية ١/ ٩٣.
(٣) لأن معنى الحديث الجزاء. انظر: سيبويه ١/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>