بين الجنسين، لا أن يكون المقصود الإخبار عن عبد متميز، فإنه يفيت (١) المعنى المقصود من مثله. فإن قلت: فهذا عندهم من قبيل ما المصحح فيه الصفة. قلت: هو ليس من ذاك في التحقيق، وإنما هو من هذا. وبيانه أن الصفة إنما تكون مصححة في الموضع الذي يقصد باسم الجنس واحد متميز فتجيء الصفة لتحصل لذلك الواحد تخصيصا، فتجعله لواحد من الجنس الذي وصف، وهو مع ذلك قليل في الاستعمال لبقاء التنكير فيه. ورب نكرة من عير صفة أخص من نكرة موصوفة. ووجه ضعفه أنه إذا صح: جسم حي في الدار، لحصول تخصيصه بالصفة، فينبغي أن يصح: رجل في الدار، لأنه أخص منه بدرجات. فأما إذا حصل ما ذكرناه من قصد التعميم فقد حصل ما في معنى التعريف قبل الصفة، فطاح اعتبار الصفة، وصار موازنا لقولك: كل رجل عالم عندنا، فإنه لا يصح لقائل أن يقول: المصحح الصفة، إذ التعميم حاصل قبل مجيء الصفة فأعنى عنها. وإنما جاءت الصفة لمعناها في التخصيص لا لحاجة من تصحيح الابتداء، ولذلك كان فصيحا في كل كلام فصيح، بخلاف ما المصحح فيه مجرد الصفة. والذي يحقق لك ذلك أن الصفة لا تخرج الموصوف عن مدلوله بل تأتي لتخصيصه في الا حاد أو في الأجناس وهو على حاله، مثاله إذا قلت: جاءني رجل، ثم قلت: عالم، فإنه يخصص مع بقائه لواحد متميز على ما كان عليه. وإذا قلت: جاء الرجال، ثم قلت: العالمون، فإنه يخصص مع بقائه عاما في العالمين. وإذا ثبت ذلك علمت أن التعميم حاصل بغير الصفة، وإذا كان حاصلا بغير الصفة كان مجيء الصفة وانتفاؤها واحدا على ما مثلناه في: كل رجل عالم عندنا. فإن زعم زاعم أن (مؤمن) في قوله: {ولعبد مؤمن خير من مشرك}
(١) وردت هذه الكلمة هكذا في جميع النسخ وصوابها: يفوت.