للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرا لا تقتل، ولكنه جاز فيه لما كان الأمر أكثره بصيغة الأمر الموضوعة له من غير حرف، فنزلوها منزلة الفعل الماضي والمضارع لما تجردت عن الحرف وكانت بنفسها هي الدالة على المعنى الذي دل عليه الحرف، ولذلك جاز: زيدا (١) ليضربه عمرو، ولم يجز: زيدا ما ضربه عمرو، لأنه يشترط في المنصوب المشتغل عنه الفعل بضميره صحة عمله فيه متقدما لو علق به. وأما إدخال الفاء في قوله: فليك: فللإشارة إلى أنه قد تقدم ما يرشد إلى المتقضي لهذا الأمر من أن يكون التبريح عظيما، تنبيها على عظم محبوبه وكونه في الغاية القصوى التي لا ينبغي أن يكون الحب له إلا كذلك، كقولك لمن تأمرو بالسفر بعد أن تقدم ما يرشد إلى مصلحة وقوعه: فسافر. ومثله: {ففروا إلى الله} (٢)، {فسبحان الله} (٣). والأمر بالتبريح لفظا، والمراد أصحابه، تنزيلا للمسبب منزلة السبب. والمراد: أمر أصحابه بتعظيم الحب الذي هو سبب لتعظيم التبريح، فيزل التبريح تلك المنزلة كقولك: لتكن الجنة مأواك، وإنما تريد أن تأمره بحسن العمل الذي هو سبب لكون الجنة مأواك (٤). وقوله: أغذاء ذا الرشأ الأغن الشيح؟ من جملة ما يعاب عليه في شعره. وقد روي أنه سئل عنه على وجه التعيير له فلم يجب بشيء. ووجهه أنه لما ذكر أن تبريحه عظيم، وأمر غيره بمثله دل ذلك على عظم محبوبه، فقصد إلى ذكرة


(١) في الأصل: زيد. والنصب أرجح لأن الفعل طلبي.
(٢) الذاريات:٥٠.
(٣) الأنبياء: ٢٢.
(٤) هكذا في جميع النسخ والصواب مأواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>