للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا، إذا حكمت بانتفاء وقوعه، وهو مما يخاف على تقدير وقوعه، بمعنى قوله تعالى: {أفأمنوا مكر الله} (١). والظاهر أنه أراد المعنى الثاني، وإن كان الأول جائزا أن يقدر، ويكون المعنى: أن الازديار ولو قدر وقوعه لا يخاف منه من أمر يكره لما اشتملت عليه من الضياء المتقدم ذكره. لكنه ليس المعنى المقصود المتداول فيما ييقصده الشعراء في هذا المعنى. وازديار: مقعول بـ: " أمن". يقال: زاره وازداره، والأصل فيه: ازتيره، قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقلبت التاء دالا لوقوعها مع الراي، وعدل إلى " ازدار" لأنه أبلغ في المعنى المقصود. قال سيبويه: افتعل، يكون للتصرف والطلب. وقال: أما كسبت فإنه يقول: أصبت، وأما اكتسبت فإنه للتصرف والطلب (٢)، وعليه قوله تعالى: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} (٣). فأتى بـ " كسبت" في الحسنات، وأتى بـ " اكتسبت" ي السيئات. والمعنى: أن الأتل في الحسنات معتد به ولا يعتد له في السيئات الأقل، ولذلك عدل إلى " اكتسب"، فهو من لطيف المعنى لطفا منه سبحانه ورحمة. و " في الدجى": متعلق بـ " ازديارك" لا بـ " أمن"؛ لأنه لو تعلق بـ " أمن" لكان المعنى بقييد الأمن بزمان الظلام وهم آمنون في كل وقت من زيارتها في الظلام. وإذا تعلق بـ " ازديارك" قيد الزيارة المأمونة بأنها في الظلام وهو المقصود. ولا يقال: إنه يفهم منه أن زيارتها في غير الظلام غير مأمونة. فإنه يجاب عنه: أن ذلك كالمعلوم من باب الأولى. والرقباء: قاعل بـ " أمن"، وهو جمع رقيب كشهيد وشهداء وكريم وكرماء، هو كثير.


(١) الأعراف: ٩٩.
(٢) قال سيبويه: " وأما كسب فإنه يقول: أصاب. وأما اكتسب فهو التصرف والطلب". الكتاب ٤/ ٧٤.
(٣) البقرة: ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>