للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب من وجوه: أحدها: أنه أراد: كل فاقة عجز، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، فكان فيه مصحح تقديري لا بعد في تقديره، مع أن المعنى عليه، ويندفع الإشطال بذلك ويستقيم المعنى على الوجه المفهوم من قصد الشاعر. والثاني: أن يكون " بحر" من تتمة فاقة، كأنه أراد: فاقة بحر، ثم قدم، فيكون المصحح صفته، وهي من جملة المصححات، الثالث: أن يكون " عجز" خبر مبتدأ محذوف، أتى به مبهما لتعظيم الأمر، كأنه قال: هو عجز، ثم فسره بقوله: فاقة، فتكون " فاقة" بدلا من المضمر المفسر، أو خبر مبتدأ محذوف، والجملة تفسير للضمير المحذوف، كأن سائلا سأله عنه فقال: هو فاقة. وأما قوله: ووراءه، فجملة في موضع الحال، وجاءت الواو فيها لأنها جملة اسمية تلزمها الواو على الأفصح (١)، وهي حال إما من المستكن في "بحر" بقديره: الفاقة عجز بحر في هذه الحال، أو فاقة حاصلة بحر في هذه الحال عجز، على التقديرين المتقدمين. وإما من " حر" على تقديى أن يكون المراد وضعه موضع الجنس وهو المراد، كما وضع المعرفة موضع النكرة في قوله:

ولقد أمر على اللئيم يسبني (٢)

ويجوز أن تكون حالا من " فاقة" على تقدير أن يكون المعنى: كل فاقة باعتبار المعنى المقدر، كأنه قال: كل فاقة حاصلة عن عجز بالحر ووراءه رزق الإله. إذ لم يرد أن الفاقة هي العجز، وإنما أراد أنها عنها، ثم أخبر بها عنها


(١) ولا يجوز طرحها إلا في الشذوذ كقولهم: كلمته فوه إلى في. المفصل ص٦٤.
(٢) هذا صدر بيت من الكامل وعجزه: فمضيت ثمت قلت لا يعنيني. وهو من شواهد الكتاب٣/ ٢٤ وقد نسبه سيبويه لرجل من بني سلول. والكامل ٢/ ٧١، والخصائص٣/ ٣٣٠، وأمالي بن الشجري ٢/ ٣٠٢. والشاهد قوله: اللئيم، حيث وضع المعرفة موضع النكرة، لنه لا يقصد لئيما معينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>