قبيل هي، فكيف يصح أن يجعل فرع معرفة الشيء معرفا له؟ وذلك مؤد إلى الدور. ومنها: أن حد كل شيء على حسب معقوليته، فحد الكلمة يجب باعتبار دلالتها لأنه هو المعنى الذي يتميز به لفظ عن لفظ. وإذا وجب ذلك وجب تبيين الألفاظ بدلالتها، ودلالة قسم الاسم المعنى المجرد عن الزمان، ودلالة قسم الفعل المعنى المتعرض للزمان، فيجب تبيينه بذلك. وكونه يخبر به وعنه، أو يخبر به لا عنه، ليس هو دلالته، إنما هو حكم بعد معرفة دلالته، فكان حده باعتبار دلالته أولى. وقال ابن باب شاذ وغيره متعرضا لبيان حصر الأقسام: لا يخلو إما أن يكون المدلول ذاتا أو حدثا عن ذات أو واسطة بينهما (١). فالأول: اسم، والثاني: الفعل، والثالث: الحرف. وهذا وإن لم يكن في لفظه ما يشعر بالحصر، فقد علم بقولهم: واسطة بينهما، يفي الأمرين عنه فيحصل الحصر. ثم هو بعد ذلك فاسد قطعا، وذلك أن المصادر كلها مدلولاتها أحداث، فيجب أن تكون أفعالا، وهو خرق إجماع البصريين وكثير من الكوفيين. نعم إنما يستقيم أن يصدر هذا ممن المصارد عنده من قسم الأفعال وهو بعض الكوفيين، ولعل قائل هذا الحصر رأى ذلك في كلامهم فاعتقد أنه يجري على ذلك الاصطلاح.
(١) انظر شرح المقدمة المحسبة١/ ٩٢ (تحقيق خالد عبد الكريم).