فكان باطلا، وإن كان قديما فباطل لأنه يجب أن يكون متعلقه معه، وإذ خلق ولا مخلوق محال، فؤدي إلى أن تكون المخلوقات أزلية، وهو باطل، فصار القول بأن الخلق غير المخلوق يلزم منه محال. وإذا كان اللازم محالا فملزومه كذلك. فثبت أن الخلق هو المخلوق. وإنما جاء الوهم لهذه الطائفة من جهة أنهم لم يعهدوا في الشاهد مصدرا إلا وهو غير جسم، فتوهموا أنه لا مصدر إلا كذلك. فلما جاءت هذه أجساما استبعدوا مصدريتها لذلك، ورأوا تعلق الفعل بها فحملوه على المفعول به. ولو نظروا حق النظر لعلموا أن الله تعالى يفعل الأجسام كما يفعل الأعراض، فنسبتها إلى خلقه واحدة. فإذا كان كذلك، وكان معنى المصدر ما ذكرناه وجب أن تكون مصادر (١). وليست هذه المسألة وحدها بالذي حملوا فيها أمر الغائب على الشاهد، بل أكثر مسائلهم التي يخالفون فيها على ذلك كمسألة الرؤية وعذاب القبر وأشباههما.
(١) انظر ما قاله ابن هشام في هذه المسألة. مغني اللبيب ٢/ ٦٦٠ (محيي الدين). وقد أيد قول ابن الحاجب بأنها مصدر وليست مفعولا به، ونسب هذا القول للجرجاني. وقد حاولت جهدي البحث في هذه المسألة في كتب المتقدمين والمتأخرين فلم أجد أحدا قال: إنها مفعول مطلق. وحملها على المفعول به أولى. انظر حاشية الدسوقي على مغني اللبيب ٢/ ٢٨٦ (مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني)، والأشباه والنظائر ٤/ ٩٧ وفيه رد على من قال: إنها مصدر.