ولما كان لحذف التنوين سبب آخر وهو كون الاسم غير منصرف أو مبنيا في مثل قولك: جاءني أحمد بن زيد وجاءني سيبويه بن عمرو، جاء حذف التنوين تارة مع بقاء الألف عند مجيء سببه الآخر وعدم السبب الذي ذكرناه كقولك: إن أحمد ابن أخيك. ألا ترى أن التنوين محذوف، والألف تثبت لأن سبب حذف الألف غير موجود، وسبب حذف التنوين موجود إلا أنه غير ذلك السبب المذكرور، فلذ لك لم يلزم من حذف التنوين مطلقا حذف الألف، إلا إذا اتفق ذلك وهو كون حذف التنوين موجبا لكون " ابن" صفة بين علمين. فكل موضع ثبت فيه التنوين في الاسم ثبتت فيه الألف، لأنه لا تثبت وقد تعدد سببا حذفه إلا مع عدمهما جميعا، فيجب عدم كونه صفة بين علمين، فيجب ثبات الألف. وكل موضع حذف منه التنوين لم يلزم حذف الألف لجواز أن يكون حذف التنوين لا لكونه صفة بين علمين بل لكونه غير منصرف أو غير معرب. وعلة حذفهم لذلك كثرة استعمالهم له كذلك. فلما كثر استعماله ناسب التخفيف اللفظي والكتابي، فخففه اللافظ بحذف التنوين، وخففه الكتاب بحذف الألف، وكذلك المنادى بنقله من الضمة إلى الفتحة في مثل: يا زيد بن عمرو (١).
(١) نقله من الضمة إلى الفتحة ليس وجويا وإنما هو اختبار. وفي هذه المسألة لا بد من توفر أربعة شروط: أن يكون المنادى علما، موصوفا بابن، متصلا، مضافا إلى علم. قال الرضي: "فإذا اجتمعت الشروط اختير فتح المنادى ولا يجب. وقد ذهب بعضهم إلى وجويه. وإنما اختير فتح المنادى مع هذه الشروط لكثرة وقوع المنادى جامعا لها. والكثرة مناسبة للتخفيف، فخففوه لفظا بفتحه، وسهل ذلك كون الفتحة حركته المستحقة في الأصل لكونه مفعولا. وخففوه خطا بحذف ألف ابن وابنة". شرح الكافية ١/ ١٤١.