للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو موضع "أو", وكذلك قاله. لأنه لو قاله بـ "أم" لفسد على الوجهين المذكورين وعلى ذلك قول المتنبي:

باد هواك صبرت أو لم تصبرا (١)

جار على هذه القاعدة، لأنه أراد: هواك باد صابرا أو غير صابر. ولو قاله بـ "أم" لكان المعنى: باد هواك صبرا أو غير صبر، وهو فاسد لأنه حال، والحال إنما تكون في هذا المعنى باسم القاعل. والآخر: أنا لو قدرنا أنه مقدر باسم الفاعل لكان المعنى: باد هواك صابرا أو غير صابر، فيكون المعنى: باد هواك في حال كونه على هاتين الحالين، وهو غير مستقيم لتضادهما، وكذلك قوله:

وأثني عليه بآلائه ... وأقرب منه نأى أو قرب (٢)

جاء على القياس، لأنه لو قاله بأم لفسد المعنى، إذ يصير: وأقرب منه نأيا وقربا، ولا سيتقيم ذلك. والآخر أن يكون " وأثني عليه" في حال كونه ناائيا وقريبا، أي: في هاتين الحالين إذا كان عليهما، وهو باطل لتضادهما، إلا على تأويل لم تبن العرب عليه هذه المحال لما ثبت من استعمال كل واحد من البابين على ما ذكرناه. فلا يستقيم لراد أن يراد أن يرده لجواز استعمال ذلك مجازا في غير هذه المواضع، لأنا لم نثبت الأحكام بالمعاني، وإنما عللنا الواقع بجريه على قياس كلامهم، فلا يخرم هذه القاعدة استعمال ما أنكرناه ههنا مجازا


(١) هذا صدر بيت من الكامل وعجزه: وبكاك إن لم يجر دمعك أو جرى. انظر: ديوانه ٢/ ١٦٠.
(٢) هذا البيت لأبي الطيب المتنبي وهو من البحر المتقارب. انظر: ديوانه ١/ ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>