للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يكون مقدرا بفعل منفي دل ما بعده عليه، كما قيل في قوله تعالى: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور} (١)، وشبهه: في أن العامل فيه ما دل عليه (خبير). فإن قيل: فقد جاء: زيدا اضرب، قلت: ليس فيه حرف مصرح به يدل على ذلك، فجاز على قياس التقديم والتأخير في الأفعال، أو لأنه كثر في كلامهم، وإذا كثر الشيء احتاجوا فيه من التصرف ما لم يحتاجوا فيما قل. فإن قيل: فقد قالوا: عمرا ليضرب زيد، وعمرا لا تضرب، والحرف موجود، وذلك على التعليل الأول. قلت: جاز ذلك حملا على "اضرب زيدا" لأنه من باب واحد (٢)، فلما جاز في أحدهما جوزوه في الآخر حملا عليه، بخلاف غيره، فإن ذلك مفقود فيه. وقد فرق قوم بين النفي وغيره في تقديم الظرف، فأجازوا: يوم الجمعة ما ضربت زيدا، ومنعوا: يوم الجمعة إن زيدا قائم. والفرق بينهما أن "ما" يكون منفيها فعلا، وخبر "إن" لا يكون متعلق الظرف إلا اسما أو فعلا بتأويله، فكان الفعل وما يجري مجراه أقوى من الاسم في العمل وما يجري مجراه، فقدم معمول القوي، ولم يقدم الآخر. وقد فرق قوم بين تقدم معمول المنفي إذل كان بـ "لا" وبين المنفي بـ "ما" فأجازوا: يوم الجمعة لا يقوم زيد، ومنعوا: يوم الجمعة ما زيد قائم. والفرق بينهما هو أن "لا" هذه هي التي ينفى بها الأفعال المستقبلة فلا تدخل إلا على الأفعال، وتلك تدخل على الأسماء والأفعال المستقبلة فلا تدخل إلا على الأفعال، وتلك تدخل على الأسماء والأفعال. فلما كان منفي هذه فعلا ليس


(١) العاديات:٩.
(٢) وهو الطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>