للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فليقدر إذل لم تعمل في مثل قولهم: إن زيد لقائم (١). فالجواب: إنه لو قدر لوجب ألا يجوز العمل لتعذر أن يكون لها اسمان. وقد جاز العمل بالاتفاق في زيد وهو أن يقال: إن زيدا لقائم، وفي ذلك خرق للإجماع، فوجب ألا يقدر. ولما ثبت جواز إعمال المكسورة عند تخفيفها (٢) وقد علم أن المفتوحة أقوى شبها منها بالفعل، كان إعمالها أولى، ولم يثبت لها إعمال في الملفوظ بعدها، فوجب تقدير معمول هو ضمير شأن مراعاة لما ذكرناه من قوة عملها عن المكسورة، لئلا يصير للضعيف في العمل على القوى مزية فيه، وهو غير مستقيم. ولذلك قدر النحويون في مثل قوله: {أن الحمد لله رب العالمين} (٣)، أنه الحمد لله (٤)، ولم يقدروا ذلك في "إن"، وقوة الشبه في "أن" المفتوحة من حيث المعنى واللفظ والاستعمال. أما المعنى فإنها تغير معنى الجملة كما يغير الفعل. وأما اللفظ فهو أنه مفتوح الأول كما أن الفعل الماضي مفتوح الأول. وأما الاستعمال فهو أن العرب عطفت على محل المكسورة ولم تعطف على محل المفتوحة (٥). كل ذلك مشعر بأن إعمال المفتوحة أقوى من إعمال المكسورة.


(١) ونقل ابن هشام عن الكوفيين أنها لا تخفف. وأنها في مثل هذا المثال نافية واللام بمعنى إلا. انظر: المغني ١/ ٣٦ (دمشق). وانظر: الإنصاف مسألة (٢٤).
(٢) قال سيبويه: "وحدثنا من نثق به، أنه سمع من العرب من يقول: إن عمرا لمنطلق، وأهل المدينة يقرأون: {وأن كلا لما ليوفينهم بربك أعمالهم} يخففون وينصبون"٢/ ١٤٠.
(٣) يونس: ١٠.
(٤) انظر: المفصل ص ٢٩٨.
(٥) قال أبو البركات الأنباري: " فإن قيل: فلم جاز العطف على موضع إن ولكن دون سائر أخواتها؟ قيل: لأنها لم يغيرا معنى الابتداء بخلاف سائر الحروف، لأنها غيرت معنى الابتداء". أسرار العربية ص ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>