ووجه من قال: إن العامل في "إذا" جواب الشرط وفي "متى" الشرط وهو قول أكثر الناس قوة توهم الإضافة في "إذا" وضعفه في "متى"، لأنه لما رأى أن "إذا" لا تكون إلا للوقت المعين توهم وجوب الإضافة ليحصل التعيين كقولك: إذا طلعت الشمس آتيك، كأنك قلت: حين تطلع الشمس آتيك. ولما رأى أن "متى" للوقت المبهم لم يقو عنده وهم الإضافة، فكان العامل الشرط. والصحيح أن العامل الشرط فيهما جميعا. وما توهم من الإضافة في "إذا" وانتفائه في "متى" أو فيهما جميعا غير صحيح. أما توهمه في "متى" فبعيد، لأنها ليست لتعيين فيتوهم ذلك، وإنما هي للابهام، ولأنه قد ثبت: أي رجل تكرم فإني أكرمه، بنصب "أي" والعامل الشرط باتفاق، فوجب أن يكون ذلك كذلك. وما توهمه في "إذا" دون "متى" فليس بمستقيم، لأنه لا يلزم من تعيين شرطها إضافتها إليه، لأنا لسنا نعنى بالتعيين إلا أنه لازم أن يكون واقعا، لا أن الظرف يقتضي أن يكون مضافا إليه، فلم يلزم من كونه معينا إضافة الظرف إليه. وإذا لم يلزم ذلك كان كـ "متى" في تقدير أن يكون مضافا وأن لا يكون مضافا. وإذا كانا سواء في صحة التقدير، ومنع من أحد التقديرين مانع وجب الرجوع إلى الآخر، وبيان المانع من أحد التقديرين وهو الإضافة من وجهين: أحدهما: أنه لو كان مضافا لتعين الجزاء للعمل، ولو تعين الجزاء للعمل لوجب أن يكون جملة واحدة، وقد ثبت أنهما جملتان. وإنما التزم ذكرهما لربط الشرط بينهما وعلى تقدير أن يكون الجزاء عاملا لا يكون جملتين فلا يكون الربط لأجل الشرط، وإنما يكون لأجل عمل الجزاء في ظرفه. والوجه الثاني هو: أنه لو كان مضافا لم يكن للظرف عامل في كثير من المواضع كقولك: إذا