للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلَّ ذِمْرٍ غَداةَ الرَّوْع تُعْظِمه ... إذا تنكَّر للأقران عن أسد

يرى الحِمام حياةً في مُنازَلة ... بينَ الرِّقاق المَواضي والقَنا القِصَدِ

لكنّه القَدَرُ الحتمُ الَّذي خَنَعَت ... له الملوك أُولوا الأَعدادِ والعُدَدِ

فإِنْ تعاظمَ رُزْءاً يومُ مصرعهِ ... فقد أتانا من النُّعمى بأيّ غدِ

وما نقولُ، وقد قامت سعادتُه ... لنا عن الوالد المحمود بالوَلَدِ؟

المستضيء الَّذي قد قام معتمداً ... على إِبالته بالواحد الصَّمَدِ

هو الإمام الَّذي مَدَّت لبيعته ... قلوبُنا طاعةً من قبلِ مِدّ يَدِ

مؤَيَّدٌ، ملَكَ الأهواءَ، فَهْيَ له ... تسعَى إليه، إذا نادَى، على جَدَدِ

صحَّت عزائم أهل الأرض، واجتمعت ... على إِمامته في القُرب والبُعُدِ

فما يقوم له داعٍ على بلد ... إلا وقد سبقته طاعة البلدِ

وكيف لا تمِلكُ الدُّنيا، وأنت لها ... يا ابن الخلائفِ مثلُ الرُّوحِ في الجسدِ

فقُم بها، يا أميرَ المؤمنينَ، ونَلْ ... ما شئتَ، وابْقَ على الأيّامِ والأَبَدِ

وله فيه من قصيدة، يهنئه بالخلافة، ويطلب الشريف:

تبسَّمَ الدَّهرُ عن ثَغْر الرِّضَى جَذِلا ... طَلْقاً، وأهدى إلينا السُّول والأَمَلا

فقم لنفرحَ، وأعلم أَنَّ فرحتَنا ... ما قام يوماً بها أمرٌ ولا عَدَلا

وجاءنا بالأمَاني غَضَّةً جُدُداً ... بِيضاً، وجادَ بها من بعدِ أَنْ مَطَلا

وقام معتذراً ممّا أَلَمَّ به ... يُبدي حياءً، ويُخفي تارةً خَجَلا

وأقبل الجودُ والإحسانُ في طرب ... بادٍ، وقد نَبُها من بعدِ ما خَمَلا

واهتزّت الأرضُ، واخضرَّت هَوامدُها ... وأصبح الرَّوضُ فيها نابهاً خَضِلا

واستبشر المجدُ والعلياء، فابتهجا ... حُسناً، وقد حَلِيا من بعدِما عَطِلا

وحالَ لونُ الليالي فَهْيَ مشرقةٌ ... كأنَّما صِبغُها المعهود قد نَصَلا

وأقشع الظُّلمُ عنّا والظَّلامُ، كما ... وَلَّى جَهامٌ، حَدَتْه الرِّيحُ فانجفلا

ب المستضيء بأمر الله إِنّ به ... تُجلى الخطوب إذا ما ليلها اتَّصلا

الكاشف الكُرَب الجُلَّى وقد عظُمت ... والفاعل الفعلَ في الأيّام ما فُعِلا

خليفة، قيَّدَ الأَلحاظ يومَ بدا ... إلى مُنير، يضمّ البدر قد كمَلا

أي: قيد نوره الألحظا عن النظر إليه.

كأنّما قابل الرّاؤون غُرَّتَه ... شمساً، بدت طلعةً تستوقف المُقَلا

يَوَدُّ مَنْ غاب عن مرهوب موقفه ... لو أنّه بالثَّرَى من تُربه اكتحلا

ثَرىً، ترى بثُغور النّاس كلهِمُ ممّا تقبّله أفواهُهم بلَلا

مَدَّت إليه قلوب النّاس طاعتها ... قبلَ الأَكُفّ، ومَدَّتْها له نَفَلا

إلى يدٍ سَبْطَةٍ بالجود، مُنعِمةٍ ... تُعطي، فيخجَلُ منها الغيثُ إن هطَلا

وما سمِعنا بغيث قبلَ نائلِه ... جادَ البلادَ، فأحيا السَّهلَ والجبلا

سيلٌ، طما، فوُجوهُ الأرضِ سائرُها ... قَرارةٌ، ما علا منها وما سَفَلا

وكيف يَسْقِي حَيا الأمطارِ حيث سقى ... حَياه، أو يصِلُ المَغْنَى الَّذي وصَلا؟

أم كيف يُحسن وصلاً كل مقتدر ... له، وقد غمرَ الأقطارَ والمِلَلا؟

أدنى وإن كان لا أدنى نوافله ... يستغرقُ القولَ، أو يستنفدُ المَثَلا

قد بثَّ عدلاً وجوداً، يُوضحانِ لنا ... قصورَ مَن جادَ في الأزمان، أو عدَلا

نكاد نظلِمُ ما يأتيه من حسَن ... بقولنا: زاد عمّن كان، أو فضَلا

وأبلج من بني العبّاس أوسعَنا ... جوداً، زَوَى وصفُه التَّشبيبَ والغَزَلا

<<  <  ج: ص:  >  >>