طالعت مجموعاً من قصائد مدح بها عميد الدولة ابن جهير الوزير، فوجدت لأبي الحسن المغربي من قصيدة فيه:
هجرَ الظَّلومُ وزاد في الهجران ... وسطا عليّ بجَورِه وجفاني
غدْرُ الزّمانِ كغدره فتظاهرا ... فبقيتُ بينهما أسيراً عاني
فمتى يؤمّلُ طيبَ عيشٍ من غدا ... في صدّ محبوبٍ وجوْرِ زمان
قلْ للزّمان تراكَ تعدِلُ ساعة ... أخرى فتصلحَ ساعة من شاني
هيهات قد خرفَ الزّمانُ فما له ... في الاجتماع بمن أحِبّ يَدانِ
ومنها في المدح:
لو أنّ ثَهْلاناً وحلمَك قُنطِرا ... لأمالَ حلمُك قُنّتَي ثَهْلانِ
فاصعدْ هضابَ المجدِ إنّك حُزتَها ... بالجاهِ والتّمكين والإمكانِ
قرأت في مصنّف السّمعاني، قرأت في كتاب الوشاح لأبي الحسن علي بن محمد بن القيرواني:
ما في زمانِك ماجد ... لو قد تأمّلْتَ الشّواهد
فاشهَدْ بصدْقِ مقالتي ... أو لا فكذّبْني بواحِدِ
[الأديب محمد بن أبي بكر الأندلسي]
وجدت له مخلص قصيدة في أبي جهير الوزير ولا بأس به:
أيا صاح في نفسي عن النّاس سلوةٌ ... إذا سلِمَتْ لي مُهجتي ووزيرها
لئن سامَتِ الأيام نفسي تعسُّفاً ... فإنّ عميدَ الدولتين نصيرُها
[طائفة من أهل المغرب]
ذكرهم السّمعاني في جملة أصحاب الحديث
[العدل أبو الفضل بن لادخان]
هو عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن بن يوسف القرشي الطبني القيرواني، كان أحد الشهود ببغداد، وهو ظريف كيس، له نظم سلس، حسن الشعر رقيقه، غامض المعنى دقيقه، قرأت في الذيل للسمعاني يقول: لا أدري ولد بالغرب أو بمكة في مدة مجاورة أبيه بها، وانتقل من مكة الى بغداد وسكنها الى أن توفي بها سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. قال: أنشدنا الشيخ الأجل أبو الحسين عبيد الله بن علي بن المعمر الحسيني غير مرة. أنشدني أبو الفضل بن لادخان الشاهد لنفسه:
قالوا التَحى وانكسفتْ شمسُه ... وما دروا عُذْرَ عِذارَيْهِ
مرآةُ خدّيه جلاها الصِّبا ... فبان فيها ضوءُ صدْغيه
وقرأت في مدائح ابن جهير الوزير لابن لادخان من قصيدة فيه:
أراكَ من معجزاتِ السّعْدِ إسعادا ... جَدٌ أعاد لك الأفلاكَ حُسّادا
أيا بشيرَ المعالي عود مالِكِها ... فوقَ المُنى لك قد أطربتَ إنشادا
أطَرْتَ أنفسَ من بشّرتَ من فرحٍ ... وقيل يوم النّوى ما كنّ أجلادا
أبعْدَ ما تمّ بينٌ لا بُليتُ به ... أبكي وأقرَح أجفاناً وأكبادا
وليلةٍ بتّ من بعدِ النّعيم بها ... أشقى وأكثِرُ إعوالاً وتَعْدادا
وموقفٍ من سُليمى لستُ أذكره ... إلا رأيتُ لجيش الشوق أمْدادا
بيضاءَ تخطر في ثوب الصّبا مرَحاً ... كما تمايلَ خوطُ البان وانْآدا
ظلّتْ تُساقطُ دُرّ الدّمع والهةً ... والوجدُ ينهبُ أرواحاً وأجسادا
وقد جلا البينُ من أزرارها قمراً ... لا يعدِمُ الرّكب في لألاه إسآدا
بكيتُ في إثْر من أهوى وصحتُ فما ... عاج الحُمولُ ولا حاديهمُ حادا
راحوا بشمسٍ سحابُ النّقع يسترُها ... والمشرفيّة لا يعرِفْن إغْمادا
وفتيةٍ لقنا الخطّيّ مُشرعةٌ ... لا يألفون سوى الأدْراعِ أبرادا
لا يرهبون لصرْف الدّهرِ نائبةً ... ولا يهابون داعي الموت إذ نادى
كأنّما شرف الدين استدل لهم ... من الزّمان فما يخشون إبعادا
ومنها ما أورده ابن الهمذاني المؤرخ في الذيل، في تهنئته بفتح برْكيارُقْ وقتل تُتُشْ في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة:
ورايةٍ كاد أن يُعْنى الزمانُ بها ... أمدها بجيوش الرأي إمدادا
ضربْنَ بالرّيّ من آرائه قُضُباً ... أضحى لها مِغْفَرُ التّيجان أغمادا
ومأتمٌ قام نحو الغرب صارخُهُ ... فعاد أيامُ من بالشّرق أعيادا