وله فيها:
هاتِها في نسائم الأسْحارِ ... حين تَشْدُو على الغصونِ القَماري
مُزّة الطّعْم وهي أحلى من الشَّهْدِ وأذكى من الكِباء القَماريّ
والتي حُرِّمَتْ عليك مع المَيْسِر دَعْ شُرْبها لأهل القِمار
فطُلوعُ الشُّموسِ عمّا قليلٍ ... سوفَ يُنسيكَ غَيْبَةَ الأقمارِ
ومنها نثراً:
فآنس أجمالاً تُزمّ، وأحمالاً تُضمّ، وأحوالاً تهول، وأهوالاً تَحول، وأوجالاً تصول، وأصوالاً تجول، وسمع تناذُر القُطّان، بمفارقة الأوطان، وتثويب الداع، بوشك الوداع، وللحداة زجل، وعلى القوم عجل، وقد بُنيت القباب، وحُثّت الرِّكاب، وفي الخدور، أشباه البدور، وتحت الأكِلّة، أمثال الأهلّة، وأيدي النَّوى لاعبة، وغِربانه ناعبة، والحيّ قد طُرق، والصواع قد سرق، وضمن مؤذّن العير، لمن جاء به حمل بعير، يا له من عامريّ، بيسَ من عام رَيّ، وخَليس مصاب، بيس من خليس مَصاب، وقد سُلبت أكناف الثغور، بنتح ذلك النور، وعدمت أرجاء العقيق، أَرَجَ ذلك الروض الأنيق، وحُرمت أبيات رامة، تلك الكرامة.
وله منها نظماً في طول الليل:
يا لَيْلُ ما فَعَلَ الصباحُ ... أَفَمَا لمُبْهَمِهِ اتِّضاحُ
لَيْلِي غُرابٌ واقعٌ ... في الشرق ليس له جَناحُ
دَلَكَتْ بَراحِ فقالت ال ... أفلاكُ ليس لنا بَراحُ
مَرِضَتْ عن السيْرِ الدُّجى ... وَرَنَتْ لها الحدَقُ الصِّحاحُ
ما زال تَبْيَضُّ العُقو ... دُ بها ويسْوَدُّ الوِشاحُ
حتى أقول عساه يَخْضِب شَيْبَهُ الدهرُ الوَقاحُ
وكأنّما خَلَعَتْ غدا ... ئراها على الجوِّ المِلاحُ
ومنها نثراً:
ما كل عبرةٍ تسفح، عن زفرة تلفح، قلبي الوطيس، وتحنُّ العيس، وعندي اللاعج، وتُرزم النواعج، فعدِّ عن دفع النفاق، ودعوى الإشفاق، إنما كمون الداء، حيث تنفُّس الصُّعداء.
فقد قلتُ يا قلبُ كُن بَعْدَهم ... جَليداً فقال ألا خَلِّ عنّي
إذا أَوْحَشَ الحيُّ من سادتي ... فلا أنا منكَ ولا أنت منّي
وله:
جاءني يَحْلِفُ أي أنّي مُحِبٌّ وشَفيقُ
يُظهِر البِرَّ وفي البا ... طِن خُبْثٌ وعُقوقُ
مِثلما يَخْدَعُكَ الضَّحْضاحُ والبحرُ عميقُ
كلُّه مَحْلٌ وإنْ غرَّ ... تْ رُعودٌ وبُروقُ
ثَمرٌ مرٌّ لجانِيهِ وأوراق تَروقُ
وعجيبٌ أنْ زكا الفر ... عُ ولم تَزْكُ العُروقُ
دِينُه دِينٌ رقيقُ ... وله وجهٌ صَفيقُ
وله، لا حاطه اللهُ، إلى كلٍّ طريقُ
هو بالفِعل عَدوٌّ ... وهو بالقَولِ صَديقُ
هو في القُربِ رحيقٌ ... وهو في البُعدِ حريقُ
هو قُدّامي مَنْجُو ... ق وَخَلْفي مَنْجَنيقُ
وإنِ اسْتُنطِقَ بَقٌّ ... وإنِ اسْتُكتِمَ بُوقُ
خَلَقُ الأخلاقِ بالهِجرانِ والتَّرْكِ خَليقُ
ففؤادي منه في تيّار أفكاري غَريقُ
إنْ أُجانِبْه يَقُلْ كا ... نتْ وضاعَتْ لي حُقوقُ
أو أُصاحِبْه فما يُلفى له عَقدٌ وثيقُ
وله منّي إنْ أَعْرَضْتُ عنه الخَنْفَقيقُ
عنديَ النارُ له فيها زَفيرٌ وشهيقُ
غير أنّ المَكر والغَدْ ... ر بمثلي لا يَليقُ
عَلَّهُ من لَمّة الجَهْل بتَوفيقٍ يُفيقُ
وله:
جَلَّنارٌ أم شَقيقُ ... وَجْنَتاهُ أم عَقيقُ
وسيوفٌ أم جُفون ... تلك أم خَمرٌ عَتيقُ
بَرَدٌ في الفَم أمْ ثَغْرٌ وريقٌ أم رَحيقُ
غُصنُ بانٍ ماس في البُرْ ... دَة أم قدٌّ رشيقُ
رَشَأٌ كلَّفني في ... حُبِّه ما لا أُطيقُ
فكأني وهَواهُ ... رِدْفُه الخصرُ الدقيقُ
وله وقد سبق ذكر أول بيت:
هل من سبيلٍ إلى رِيقِ المُريقِ دَمي ... فما يُزيل سِوى ذاك اللَّمى ألَمي
يَشْفِي به من يُهينُ الدُّرَّ مَنْطِقُها ... نَظْمَاً ونثراً بدُرِّ الثَّغر والكِلَمِ