للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتخالُهُ مَلَكاً رمى بشهابه ... في الرَّوْعِ شيطانَ الحروب فَشَاطا

وله من أخرى:

شرَّدْتَهُمْ حتى لقد قَاسَوْا على ... تلك العِقَابِ أَليمَ كلِّ عِقَابِ

سِيمُوا العذابَ وذكَّرَتْهُمْ حالَهَمْ ... حِفظَاتُ أيامٍ سَلَفْنَ عِذَاب

هابُوكَ فانْذَعَرُوا ومِنْ أَعذارهمْ ... أن السَّوامَ تهابُ ليثَ الغاب

وله من أخرى:

لله أنت على أَقبَّ مُطَهَّمٍ ... نَهْدٍ بجوزاءِ السماءِ مُشَنَّفِ

ومنها:

أَضْرَمْتَ في أَكبادهمْ من بَعْدِهِ ... بالنصل نارَ تأسُّفٍ وتَلَهُّفِ

ففؤادُ ذي الجأشِ الربيطِ مخافةً ... يحكي جناحَ الطائرِ المُترَفْرِفِ

وله من أخرى:

وشرَّدَها إِشفاقُها منكَ فاغتدتْ ... ترى الأَرْضَ خوفاً وهْيَ من ضِيقها فِتْرُ

فذلُّوا كأنَّ العِزَّ ما كانَ بَيْنَهُمْ ... وصاروا كأنَّ الفقرَ عندهمُ قَبْرُ

وله من أخرى:

أَضْحَتْ لواتَهُ شُرَّداً من بأْسِهِ ... فلديهمُ سعةُ الفضاءِ مَضيقُ

لم يضربوا طُنُباً لخوفهمُ فهمْ ... مثلُ الوعولِ إذا حواها النِّيقُ

إن غابَ فيهم وجهُهُ فخيالُهُ ... ليلاً كما هو في النهار طَرُوق

لو هبَّتِ الريحُ اغتدى لسماعها ... قلبُ الشجيع القلبِ وهْوَ خَفُوق

جعلوا الهزيمةَ عنه بِرّاً إذ لهم ... لسواه في شَقِّ العِصِيِّ عُقُوق

وسمعت أن هذا ابن الصياد كان من شعراء الصالح بن رزيك. وكان سريع الخاطر في النظم لا يقف قلمه، ولا يتضع فيه علمه، ويغريه الصالح بجلسائه يهجوهم وكانوا يتعرضون به وسمعت أن ابن الحباب كان كبير الأنف وكان ابن الصياد مولعاً بأنفه قد هجاه بأكثر من ألف مقطوعةٍ وما كان يصده شيءٌ عنه حتى انتصر له أبو الفتح بن قادوس فقال فيه:

يا من يعيبُ أُنوفَنَا ... الشمَّ التي ليست تعابُ

الأَنْفُ خلقةُ ربنا ... وقرونك الشمُّ اكتساب

ابن قيصر

من أهل الاسكندرية

كان كثير المنظوم، قليل الجيد منه.

قرأت في مجموع: كتب الفقيه الرشيد أبو الحسن علي بن قيصر في جواب كتاب:

وصلَ الكتابُ فلا عَدِمْتُ يَداً ... نَثَرَتْ عليه جَوَاهِرَ الكَلِمِ

وعجبتُ كيف تَرَى لها أَثَراً ... وبنانُها يَنْهَلُّ كالدِّيَمِ

ووجدت له في مجموع شعراء ابن رزيك قصيدة فيه أولها:

الصبرُ عن بانِ الحمى وعقيقهِ ... في حقِّ ساكنِهِ أَجلُّ عُقوقِهِ

ظبيٌ ظُبَا أَلحاظِهِ فتَّاكةٌ ... تُغْنيه يومَ الروعِ عن إبريقهِ

لو قال يوم الأنس:

سيانِ عندي الخمرُ في إبريقه ... أو ما حواه ثغرُه من ريقهِ

أين هذا من قول ابن حيوس:

فعلُ المُدَامِ ولونُها ومَذَاقُها ... في مُقْلَتَيْهِ وَوَجْنَتَيْهِ وَرِيقهِ

تمام قصيدة ابن قيصر:

لا فرقَ بين خيالِهِ وَوِصالِهِ ... في سَرْد ماطِلِه وفي تحقيقهِ

ومنها:

والله ما للشمس في إشراقِها ... وضياءِ بهجتها كبعض شروقهِ

كالرِّئْمِ حالَ نفارِهِ، والبدر عند ... كمالِهِ، والغصنِ عند بُسُوقِه

لا تجعلِ الهجران بعضِ عقوبتي ... فتكلِّفَ السُّلوَانَ غيرَ مطيقِه

وارفقْ فمن دينِ المُرُوَّةِ في الهوى ... وعداته رفق الهوى برفيقه

والله ما صَدَقَ الملامُ ولا جرى ... ذا العذلُ عند ذوي النُّهَى بطريقه

كلُّ الجوارح في يديه فأَيُّها ... يُصْغي لزورِ العذل أو تنميقه

فَذَرِ الملامَ فحبذاه لذكرِه ... فيه، ملام الصبِّ في مَعْشوقه

يا راكب المَهْرِيِّ أَضحى ظلُّه ... في عُرْضةِ البَيْداء من مَسبوقه

بلِّغ إلى المَلِكِ الهمامِ أَمانةً ... تبليغُها للحرِّ من توفيقه

<<  <  ج: ص:  >  >>