بدرت إلى تقبيل عين أبي بكر ... لرؤيته البدر المنير على البدر
وقبلت فَاهُ ناقل الحكم التي ... هي السحر من نظم يروق ومن نثر
ولو لم يدافعني عن القدم التي ... خطت نحوه قبلت أخمصها عمري
لقد نال ما استدعى حسادتنا به ... وما حسد في مثل هذا بنا يزري
حسدناه أن نال البعيد مزاره ال ... ممثل منا في الخواطر والفكر
وإن قبّل الكف المبرة في الندى ... على الزاخر الفياض والواكف البشر
وإن شام لألاء الجبين الذي به ... تكشفت الظلماء في سالف الدهر
وما أبعدتنا عن مزارك غدرة ... يضاف بها للدائمين على الغدر
ولكن أمور ليس تخفى لناظر ... فلسنا بمحتاجين فيها إلى العذر
وأحفل بتسليم على البش دائما ... لرؤية ملهوف ورؤية معتر
على مكسب الأملاك زهوا ونخوة ... بنيلهم تقبيل أنمله العشر
إذا ما استرحنا بالتمني فإنه ... لقاؤك في الزاهي وساحاته الخضر
ولا بأس أن يدني الأله مزارنا ... ويجمعنا من حيث ندري ولا ندري
أمين ولا تكريرها لي مقنع ... ولو أنني كررتها عدد القطر
أبو القاسم الأسعد بن إبراهيم ابن بلّيطة
شاعر المعتصم ابن صمادح، ومجازيه المنائح بالمدائح، سبق ذكره في ما أورده ابن بشرون المهدوي، فلما اشتبه أوردت ها هنا مما أورده ابن الزبير في كتاب الجنان من شعره وهو قوله من قصيدة طائية:
برامة ريم زارني بعد ما شطا ... تقنصته بالحلم والشط فاشتطا
رعى من أناس في الحشا ثمر الهوى ... جنيا ولم يرع العرار ولا الخمطا
فاشممني من خده روضة الجنى ... وألذعني من صدغه حية رقطا
أمحمرة العينين من ذوق سكره ... متى شربت ألحاظ عينيك أسفنطا
وما ذاب كحل الليل في دمع فجره ... إلى أن تبدي الصبح كاللمة الشمطا
كأن الدجى جيش من الزنج وافد ... وقد أرسل الإصباح في أثره القبطا
ومنها في وصف الديك:
وقام لنا ينعي الدجى وشقيقه ... يدير لنا من بين أجفانه سقطا
إذا صاح أصغى سمعه لندائه ... وبادر ضربا من قوادمه الأبطا
ومهما اطمأنت نفسه قام صارخا ... على خيزران نيط من ظفره خرطا
كأن أنوشروان أعلاه تاجه ... وناطت عليه كف مارية القرطا
ومنها في العذار:
أرى صورة المسواك في حمرة اللمى ... وشاربك المخضر بالمسك قد خطا
عسى قزح قبلته فأخاله ... على الشفة اللمياء قد جاء مختطا
توهم عطف الصدغ نونا بخدها ... فباتت بمسك الخال تنقطه نقطا
وقوله:
جرت بمسك الدجى كافوة السحر فغاب إلا بقايا منه في الطرر
صيح يفيض وشخص الليل منغمس ... فيه كما غرق الزنجي في نهر
قد حار بينهما عن برزخ قمر ... يلوح كالشّنف بين الخد والشعر
وقال في مجدور الوجه:
من رأى الورد تحت قطر نداه ... لم يعب فوق وجنتي جدريا
أنا شمس أردت في الأرض مشيا ... فنثرت النجوم فوقي حليا
وقوله وينسب إلى غيره:
لَبِسُوا من الزرد المضاعف نَسْجه ... ماء طفا للبيض فيه حباب
صف كحاشية الرداء يؤمه ... صف القنا فكأنّه هداب
هذا معنى ابتكره واخترعه وابتدعه ولم يجز أحد في مضماره معه وإليه نظر قول ابن خفاجة:
وغدت تحف به العصون كأنّها ... هدب تحف بمقلة زرقاء
ولابن بليطة:
سكران لا أدري وقد وافى بنا ... أمن الملاحة أم من الجريال
تتنفس الصهباء من لهواته ... كتنفس الريحان في الآصال
وكأنّما الخيلان في وجناته ... ساعات هجر في زمان وصال
وقوله في أسود أحدب يسقي الخمر: