للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبارك بن سلامة المخلطيّ البغدادي

من أهل الجانب الغربي، من مادحي الوزير جلال الدين بن صدقة.

أنشدني صديقي مجد الدولة أبو غالب بن الحصين، قال: أنشدني خالي وابن عمّ أبي شمس الرؤساء، أبو الحسن، عليّ بن محمد بن الحصين، قال: أنشدني أبو منصور ابن سلامة لنفسه:

وُجودُ الفتى فقدٌ إذا عدِم الشُكرا ... وثروتُه فقرٌ إذا لم تُفِدْ ذِكرا

ثمارُ الثّنا من دوحةِ الجودِ تُجتَنى ... ولولا احتراقُ العود ما اكتسب العطرا

ومن كان يرضى بالخمول مخيِّماً ... وإن كان حياً ميّتٌ ساكنٌ قبرا

تغرّبْ عن الأوطان في طلبِ العلى ... الى نيلِ ما تهواه لا تكرهِ المسْرى

فقد عاف دُرّ البحرِ فيه خمولَه ... ففارقَه حتى ارتقى التاجَ والنّحرا

وإنّ اسوِدادَ المسكِ بعد احمرارِه ... بفُرقته للظّبي أعقبه النّشْرا

ومن كان ذا جهلٍ بأبناء دهرِه ... فإني قد جرّبت أحوالهم خُبْرا

فألفيتُهم أعداءَ من قلّ مالُه ... على غير ما جُرْم وأخلاّء من أثرى

يكذّبني معروفُهم في مديحهم ... فأحتاجُ أن أبني لتقصيرهم عُذرا

وأنشدت له في غلام، عرض عليه أن يشرب فأبى:

وأعرضَ إذ عرَضْتُ عليه خمراً ... يروقُ الشَّرْبَ من شُربِ الظِّرافِ

فيا متحاشياً من شُربِ راحٍ ... مع النّدماء صافيةِ النِّطافِ

إذا ما كنت ذا ورَع ونُسْكٍ ... أرِقْ ما في لحاظِك من سُلافِ

وله:

بأنامل أصمت مَقاتلَنا ... فرؤوسُها بدمائِنا حُمْرُ

محمود بن محمد بن مسلم

الشّروطي البغدادي

كان شاباً، رائق الشّعر، بديع النّظم والنّثر.

أنشدني لنفسه من قطعة يغنّى بها:

يا طُلولُ بعدَهمُ ... كيفَ حالُ ذي شجَنِ

غيّرتْكِ حادثةٌ ... من حوادثِ الزّمنِ

وكان يُنشدني من شعره كثيراً، ولم أثبته.

وآخر عهدي به سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة. وتوفي بعد ذلك، وأنا بواسط.

وله ديوان.

وكان معظم مدحه في نقيب النُقَباء ابن الأتقى الزّينيّ.

وله من قصيدة في مدحه، مستحسنة، أولُها:

في حدّ رأيِك ما يُغْني عن القُضُبِ ... وفي سخائك ما يُرْبي على السُحُبِ

وفي اعتزامِك ما لو شئت تُنفذُه ... أبادَ بالخوف أهلَ الدهرِ والرُعُبِ

دانت لهيبتك الأيام خاضعةً ... وفلّ عزمُك حدّ الموكبِ اللّجِبِ

وقال عنك لسانُ الدهر ما نطقت ... به على كل عودٍ ألسُنُ الخُطَبِ

يا طلحةُ بن عليّ ما لائدِنا ... الى الغنى غيرُ ما توليهِ من سببِ

جابت بنا البيدَ عيسٌ طالما غنِيَتْ ... براحتَيْك عن الأمواه والعُشُبِ

حتى وصلنا الى ملْكٍ مواهبُه ... مقسومةٌ بالنّدى في العُجم والعرَبِ

محجّب برِواق من مَهابته ... يلقى الوفود بمالٍ غيرِ متجِبِ

ومنها:

فجدّه في صعودٍ لم يزَلْ أبداً ... ومالُه بالنّدى المنهَلِّ في صبَبِ

إن ساجَلوك وجاؤوا بانتسابِهم ... ففي السمء مقرّ الرّأسِ والذّنبِ

أو شابهوا عاطفاتٍ منك طيّبةً ... فالعودُ والعودُ معدودانِ في الخشبِ

وكلّه خشبٌ في الأرضِ منبِتُه ... لكنّ شتّان بين النّبعِ والغرَبِ

أو كان أصلُك يا ابنَ المجد أصلهمُ ... فالنّخل لا شكّ أصلُ اللّيف والرُطَبِ

لبّيكَ من منعِمٍ قال الزّمان له ... أنت المُعدّ لصَرْفِ الدهرِ والنّوَبِ

ومنها:

وكيف لا ترتضي الآمالُ رأيَ فتىً ... مذ كان في المهدِ أعطي الحكم وهْو صَبي

وأجدرُ الناس بالعلياء من شهدتْ ... له العلى وعلى حُبِّ الإمام ربي

يا من علت درجاتُ الفضلِ بي وبه ... شعري وجودُك رأسُ المجدِ والأدبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>