أَيرْجِعُ عَصرٌ بالجزيرة رائقُ ... تَقَضَّى وأبقى حَسرةً ما تُفارِقُ
لياليَ أبكارُ السُّرور وعَونُهُ ... هدايا وأُمّاتُ الهموم طَوالق
إذا قلتُ يصحو القلبُ من فَرط ذِكرِه ... دعا هاتفٌ في الأَيْكِ أو لاح بارِقُ
ومنها:
تركْنا التَّشاكي ساعةَ البين ضِلَّةً ... ولا غروَ يومَ البينِ إن ضلَّ عاشق
فلا لذَّة الشكوى قضينا ولا الذي ... سترناه أَخْفَتْه الدُّموع السَّوابِقُ
فمن لؤلؤٍ شَقَّ الشَّقيقَ مُبدَّداً ... ووَرْسٍ جرَتْ سَحّاً عليه الشقائق
إذا نحن حاولنا التَّعانُقَ خُلسَةً ... عَلانا الزَّفير والقلوبُ خوافق
ومنها:
وزائرةٍ بعد الهُدُوِّ وبيننا ... مَهامِهُ تُنضي رَكبَها وسَمالِقُ
تعجَّبُ من شَيبٍ رأتْ بمَفارقي ... وهل عجبٌ من أنْ تشيبَ المَفارِقُ
وقالتْ وفَرْطُ الضَّمِّ قد هدَّ مِرْطَها ... ولُزَّتْ ثُدِيٌّ تحتَها ومَخانِق
أَتُسليكَ عنّا كاذباتٌ من المُنى ... وما خِلتُ تُسليكَ الأماني الصَّوادِقُ
متى نلتقي في غيرِ نومٍ ويشتكي ... مَشوقٌ وبُشْكي من جوى البين شائق
ثِقي بإيابي عن قريبٍ فإنَّني ... بجُودِ ابن رُزِّيكٍ على القربِ واثق
هو البحرُ فيه درُّه وعُبابُه ... وصوبُ الحَيا فيه النَّدى والصَّواعِقُ
أخو الحَرب ربُّ المكرمات أبو النَّدى ... حليف العُلى صَبٌّ إلى العُرف تائقُ
يُنال الحَيا من بحره وهو نازحٌ ... ويَدنو الجَنى من فَرعِه وهو باسِق
ومنها في حكاية وزير المصريين عباس وكونه قتل ظافرهم وجماعة من أعمامه بالقصر، وجاء ابن رزِّيك فأخذ بالثّأْر منه:
ولمّا رأى عبّاسُ لِلغدر مَذهباً ... وأظهرَ ما قد كان عنه يُنافِقُ
وأنفق من إنعامِهم في هلاكهم ... جزاءً به عَمري خَليقٌ ولائق
ومدَّ يداً هم طوَّلوها إليهمُ ... وحلَّت بأهل القصر منه البوائق
دعَوْكَ فلبَّيْتَ الدُّعاء مُسارعاً ... وفرَّجْتَ عنهم كَربَهُمْ وهو خانق
وجاوبْتَهُم عن كتْبهم بكتائبٍ ... تَمُرُّ بها مَرَّ السّحاب السَّوابق
وفرَّ رجاءً أنْ يفوتَ شَبا الظُّبى ... فعاجلَه حَيْنٌ إليهنَّ سائق
وقدَّر أنْ قد خلَّفَ الحتفَ خلفَه ... وقدّامَه الحَتْفُ المُوافي الموافِقُ
سقى ربَّه كأسَ المنايا وما انقضى ... له الشَّهر إلاّ وهو للكأس ذائقُ
أبو الفضل بن عطّاف المَوصلي الجَزري
محمد بن محمد بن محمد بن عطاف، ذكره أبو سعد السمعاني في المذيّل قال: أنشدنا لنفسه إملاءً في القلم:
خُرْسٌ تُشافِه بالمَرام كأنَّما ... تُبدي بألسُنِها الفصيحَ الأعجما
وتطول عن قِصَرٍ ويَقصُر دونَها ... طولُ الرِّماح وإنْ أَرَقْتَ بها الدِّما
قال وأنشدني لنفسه في شابٍّ يتمنّى شيبه:
كم قد تمنّى أن يرى ... شَيْباً بمَفرِقِه أَلَمّا
دارت عليه رحى المَنو ... نِ فأسكَنَتْهُ ثَرىً أَصَمّا
ذكر السمعاني في تاريخه أنه توفي ببغداد تاسع عشر شوال سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
عمّه:
أبو طالب جعفر بن محمد بن عطاف
قرأت في تاريخ السمعاني: أنشدني أبو الفضل بن عطاف أنشدني عمي أبو طالب لنفسه بمَيافارقين:
لابدَّ للكامل من زَلَّةْ ... تُخبره أن ليس بالكامل
بينا يُرى يضحك من جاهلٍ ... حتى تراه ضِحكةُ الجاهِل
قال: وسمعته يقول: قرأت على ظهر تقويم سطّره عمّي أبو طالب لنفسه:
أُجَدِّده في كلِّ عامٍ مُجدَّدٍ ... ويخلِقُ منّي جِدَّتي وغرامي
وتَفرحُ نفسي بانتظام شُهورِه ... وفي واحدٍ منها يكون حِمامي
الشيخ أبو الحسن علي بن دبيس المَوْصلي