///الأديب الغزي أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن محمد الكلبي ثم الأشهبي المعروف بالغزي.
مولده غزة الشام، وانتقل إلى العراق وإلى خراسان وأصفهان وكرمان وفارس وخوزستان، وطال عمره، وراج سعر شعره، وماج بحر فكره، وأتى بكل معنى مخترع، ونظم مبتدع، وحكمة محكمة النسج، وفقرة واضحة النهج، وكلام أحلى من منطق الحسناء، وأعلى من منطقة الجوزاء. فكم له من قصائد كالفرائد، وقلائد كعقود الخرائد، وغرر حسان، ودرر وجمان.
وله في خطبة ألف بيت جمعها من شعره يصف بها حاله نثراً، ويذكر فضيلة الشعر، ويقول: إن الشعر زبدة الأدب وميدان العرب، كانوا في جاهليتهم يعظمونه تعظيم الشرائع، ويعدونه من أعلى الذرائع. وجاء الإسلام فأجراه على الرسم المعهود في قطع لسان قائله بالجود. وإذا طالعت الأخبار، وصح عندك ما فاض من إحسان النبي صلى الله عليه وسلم على حسان، وثابت بن قيس، وخلعه البردة على كعب بن زهير، واهتزازه للشعر الفصيح، وقوله: إن من الشعر لحكماً علمت أن إكرام الشعراء سنة ألغاها الناس لعمى البصائر، وتركيب الشح في الطباع. وقد كنت في عنفوان الصبا، ألم بخزامى الربا، وأنظمه في غرض يستدعيه، لأذن تعيه، فلما دفعت إلى مضايق الغربة جعلته وسيلة تستحلب أخلاف الشيم، وتستخرج درر الأفعال من أصداف الهمم، حتى إذا خلا من راغب في منقبه تحمد، ومأثرة تخلد، وثبت من الانزواء على فريسة لا يزاحمني فيها أسد، ولا يرضى بها أحد. على أن من سالمه الزمان، أجناه ثمر الإحسان، ومن ساعدته الأيام، أعثرته على الكرام..