قرأَ على ابن وَحشي، وابن وَحشي قرأَ على ابن جِنّيّ، قرأتُ له في مجموعٍ لأبي الفضل بن الخازن من الموصليات للشيخ أبي الحسن علي بن دبيس النَّحوي من أبيات في قوّاد:
يُسهِّلُ كلَّ ممتنعٍ شديدٍ ... ويأْتي بالمُراد على اقتصاد
فلو كلَّفْتَه تحصيل طيفِ الْ ... خَيالِ ضُحىً لزارَ بلا رُقاد
وله من قصيدة أوّلها أنشدني التاج البلَطيّ قال أنشدني أبو القاسم بن المارنك الصائغ المَوصليّ، قال أنشدني ابن دبيس:
ما ساعَفَتْكَ بطيفها هِندُ ... إلاّ لكي يتضاعفَ الوَجْدُ
منها في مدح سعد الدولة أخي شرف الدَّولة مُسلِم بنِ قريش:
والوَجْدُ يَنْمى في الفؤاد كما ... يَنمى بسعد الدَّولة السَّعد
ومنها:
أُنظُرْ إلى الأَب في العشيرة من ... طرَفٍ ومن طرَفٍ مَنِ الجَدُِ
وكانت أُمُّه بنتَ السُّلطان. قيل إنَّه لمّا أنشدَ نصف هذا البيت فقال الأمير وسبقه: ومِنْ طرَفٍ مَنِ الجَدُّ.
الرئيس علي بن الأعرابي المَوصلي
ذكره مجد العرب العامري، وقال: شعَرَ، على كِبَر، وتقع له أَبيات نوادر في الهجو، تخلو من الحشو واللَّغو، وتسقى من الكدر لسلاستها الصفوَ، ويَطلب مَنْ قيل فيه منه العَفوَ، فمنها ما أَنشدني الأمير مجد العرب العامري بأصفهان لابن الأعرابي المَوصلي في الشاعر البغدادي المعروف بحَيْصَ بَيْص، وهو يَنسِبُ نفسه إلى تميم، وعادتُه يتبادى في كلامه وزيِّه. ولا يستحق الأمير أبو الفوارس ابن الصَّيفيّ هذا فإنّني ما رأيت أكمل أدباً منه، ولكن ما زالت الأشراف تُهجى وتمدح:
كمْ تَبادَى وكمْ تُطَوِّلُ طُرطو ... رَكَ، ما فيكَ شعرةٌ من تميم
فكُلِ الضَّبَّ وابْلَعِ الحنظَلَ الأَخْ ... ضَر واشْرَبْ ما شئتَ بَوْلَ الظَّليمِ
ليس ذا وجهَ من يُجير ولا يقْ ... ري ولا يدفع الأَذى عن حَريمِ
قال مجد العرب: وله في بعض الصّدور يهجوه في زمان أتابك زَنكي:
قالوا: أَتؤمن بالنّجوم، فقلتُ: لا ... بأبي المحاسِنِ كُذِّبَتْ في العالَم
اختارَ طالِعَهُ فسوَّدَ وجهَه ... فيه وأفسدَ فيه أمر الصّارمِ
ذكر أن الذي هجاه كان وزيراً للملك في تلك البلاد، والصارم كان مُشرِفاُ للملك.
وأنشدني الأمير أُسامة بن منقذ أنشدني العلَم الشاتاني له في ابن أفلَح الشاعر:
قد بُلِيَ في زمانه بعُلوجٍ ... يعتريه في حُبِّهِمْ كالجُنون
كلَّ يومٍ له طَواشٍ جَديدٌ ... وغلامٌ يجرُّه من أَتون
وله في الشيب:
رُسلُ الحِمام حَمائمٌ بِيضُ بدَتْ ... من بين خافِيَةِ الغُراب الأَسودِ
قال الشاتاني: قرأت عليه الأدب. توفي سنة سبع وأربعين.
الشيخ مَرْزَكَّة
واسمه زيد، من قرية عبيد، من نواحي المَوصل، كذا ذكره غير واحد ممَّن كان في مكتبه، وقيل اسمها: عين سُفتى، قال الشاتاني: قرأت عليه الأدب.
أنشدني له رجل جنديّ يقال له الأمير علي الشاميّ في عَقر الصّعيد من نواحي سامي مَيسان عند ابن الملك ابن قطيرا، وأنا مُصعِدٌ إلى واسط في أوائل ذي الحجة سنة تسع وأربعين وخمسمائة:
يا عَزّ أينَ من الجفون رُقادي ... ولهيبُ نار الشوق حَشْوُ وِسادي
كم يعذلوني في هواكِ، عدِمْتُهمْ ... إنَّ العواذل فيكِ من حُسّادي
لا ضيرَ إنْ ظَفِرْت أُمّيَّةُ مرَّةً ... فالركب يعثُرُ فيه كلُّ جواد
دنيا تكاثرَ غَدرُها حتى لقد ... وثبت ثعالبها على الآساد
ومنها:
إنّي بدون الطَّيفِ منكِ لَقانعٌ ... ولو انُّ طيفك مُخلِفٌ ميعادي
قالت وقد رأت المشيبَ بلِمَّتي ... والليلُ فاجأه صباحٌ بادي
قدِّم لنفسِكَ ما تُسَرُّ به غداً ... فالموتُ يطرقُ رائح أو غاد
فأجبتُها إنّي تمسَّكتُ التُّقى ... حُب الوصيِّ فنعمَ عُقبى الزَّاد
وله ما يبرهن به على غُلوِّه في مذهبه في التشيُّع:
أَيُّ أَجرٍ للدَّمع والأَنفاسِ ... ووقوفي بالأربُع الأدراس