للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَئِنْ كنتمُ في الغَيِّ ناشِين إِننا ... هُداةُ الْورى من ظُلمِة الغَيِّ للرُّشْدِ

وإِن كنتمُ حِزْبَ الضَّلال فإِننا الْ ... هداةُ لِنهْج الْحَقّ بالسيِّد المَهْدي

لنا النَّخَواتُ اليْعرُبيَّةُ دونَكُمْ ... فلَسْنا الى هَزْل نميلُ عن الجِدِّ

فضلاء اليمن

تمهيد تاريخي:

نواجه في الصفحات التالية أسماء الصليحيين، على غير التتابع الزمني الذي توالوا فيه، ويكثر في شعر ابن القم مديحهم والإشارة إلى بعض ما كان في حياتهم من أحداث، ولذلك رأيت من الخير أن أورد تراجمهم هنا متتابعة على النحو الذي كان من تتابعهم في الحكم حتى يستقيم فهم الأحداث ويتضح تسلسلها في ذهن القارئ وحتى نتجنب الإحالة في حاشية على حاشية أخرى قد تأتي بعدها.

والصليحيون شيعة، باطنية، حكموا اليمن بين السنة ٤٣٩ والسنة ٥٣٢، ونشروا الدعوة للفاطميين وخطبوا لهم وورثوا الدعوة منهم حين زالت دولتهم من القاهرة.

وأولهم أبو الحسن علي بن محمد بن علي، ويعرف ب

الداعي الصليحي

خرج في جبل مسار من أعمال حراز، ولم يكن ولي الامر أحد من أهله، وكان والده القاضي محمد ابن علي شافعي المذهب، مطاعاً في عشيرته، يتولى الفصل في خصوماتها. وسار علي أول الأمر على طريقة والده حتى استماله أحد دعاة الفاطميين فسلكه في هذه الدعوة وخرجه بها، وأخذ علي يستميل القبائل ويجمع الأنصار يعاهدونه على الدعوة للمستنصر العبيدي، الخليفة الفاطمي في مصر، حتى اذا اجتمع له عدد، امتنع بهم في جبل مسار وقصد ما حوله من بلاد، واستفحل أمره، وثبت له جماعة من الشرفاء والأئمة، ولكنه تغلب عليهم وملك اليمن كله، وقتل من قتل من الملوك، وجمع في صنعاء من بقي منهم، ودان له ما بين مكة وعدن وحضرموت.

وكان فيمن قتل، نجاح صاحب زبيد، قتله بالسم على يد جارية أهداها إليه سنة ٤٥٢ وفي سنة ٤٥٨ ٤٧٣ ابن خلكان، شذرات الذهب خرج الى الحج واستخلف ابنه المكرم أحمد، واصطحب معه ملوك اليمن الذين خضعوا له، وخيم في طريقه في مدينة المهجم من تهامة ففاجأه سعيد الأحول، ابن نجاح - وكان يترقب الفرصة لاسترجاع ملك أبيه، ومعه أخوه جياش بن نجاح - فقتله وقتل معه عدداً من اهله، وأسر زوجته أسماء بنت شهاب، وتلقب بالحرة.. وظلت في الأسر حتى أنقذها ولدها المكرم أحمد بعد ثمانية أشهر، في غزوة لزبيد انتقم فيها من أولاد نجاح وتملك المدينة.

والداعي علي أحد شعراء الخريدة الذين سيتحدث عنهم العماد، وكانت امارته عشرين سنة وبعد مقتل الداعي علي خلفه ابنه المكرم أحمد بن علي سنة ٤٥٩، فحارب سعيداً الأحول، وقتله، واستنقذ أمه الحرة أسماء بعد أن أسرت ثمانية أشهر، واسترد زبيداً، ثم أصيب بالفالج فشاركته الحكم زوجته أروى بنت أحمد الصليحية وتعرف بالملكة الحرة وتوفي سنة ٤٨٤ في حصن أشيح.

وكان المكرم مقداماً، حازماً، صحيح الرأي، شاعراً فصيحاً.

وخلفه في حكم اليمن ابن ابن عمه: سبأ بن أحمد بن المظفر بن علي وتزوج السيدة أروى - وكانت زوجة المكرم - عن أمر المستنصر العبيدي، ومضى يؤصل حكم الصليحيين في تهامة التي كانت دولة بين آل الصليحي وآل نجاح، فكان آل الصليحي يغزونها في أيام الشتاء وعندئذ يدخل آل نجاح جزر البحر الأحمر، وفي أيام الصيف كان آل الصليحي يرتفعون إلى الجبال ويعود آل نجاح إلى تهامة.

وكان سبأ بن أحمد، ويلقب بالأوحد، شارعاً فصيحاً، واستمر يحكم حتى مات سنة ٤٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>