للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو اطّلعَتْ على الحُجّا ... ج ألهتْهُمْ عن الحجّ

وبعدهما من شعر تميم:

لها وجْه لها شعَر ... كمثل الروم والزّنْج

لها جفْنان قد شُحِنا ... بنَبل السّحْر والغنْج

لها ثغر، لها ريق ... كمثل الخمر والبنجِ

لها نهدان قد نجُما ... كنابَي فيل شِطرَنْجِ

وحكى حميد أنه دخل الى أبي عبد الله ابن النعناع وفي يده رقعة من الملك تميم إليه يتأملها ويكثر النظر فيها وقد ألهته عنّا معانيها، فقلت:

عجبت لرقعةٍ ألهتْك عنّا ... وعما كنت فيه من الحديث

أظنك قد شُغِفْتَ بها لسِرّ ... قديم قد حوتْهُ أو حديث

وحكى أبو الصلت في الحديقة: أخبرني محمد بن حبيب المهدوي قال: حضرنا ليلة في جملة النّدامى مجلس السلطان أبي يحيى تميم ابن المعز فالتفت حميد بن سعيد الشاعر الى غلامين من مماليكه متناجيين قد ضمّا خداً لخدّ فقال حميد:

انظر الى اللِّمّتَين قد حكتا

فقلت:

جنحَيْ ظلام على صباحَيْنِ

فقال:

واعجَب لغصنين كلّما انعطفا

فقلت:

ماسا من اللّين في وشاحَيْن

فقال:

ظَبْيان يحْمي حِماهما أسدٌ

فقلت:

لولاهُ كانا لنا مُباحينِ

فقال:

فلو تدانيت منهما لدنت

فقلت:

منّي في الحين أسهم الحَيْنِ

[محمد بن حبيب المهدوي القلانسي]

ذكره أبو الصلت في الحديقة وأورد قوله:

بدورُ وجوهٍ في ليالي ذوائبٍ ... لعِبْنَ بلبّي بين تلك الملاعب

تبرقَعْن من خوف العيون وإنما ... طلعن شموساً تحت غُرّ السحائب

وفوّقن من تحت البراقع أسهُماً ... من اللّحظ ترمي عن قِسيّ الحواجب

باب في ذكر محاسن جماعة من أهل المغرب

الأقصى من العصر

أوردهم عثمان بن بشرون المهدوي الكاتب في المختار في النظم والنثر وذكر أنهم من المُقلين

محمد بن عبد الله المهدي المعروف ب

ابن تومرت

هو الذي خرج بالمغرب، ودعا الى التوحيد، وتولّى بعده عبد المؤمن. ذكر ابن بشرون: أنشدني محمد بن محمد النثري لابن تومرت أبياتاً قالها قبل قيامه بالمغرب، وهي:

إنّي وفي النفس أشياء مخبّاة ... لألبَسنّ لها دِرْعاً وجِلبابا

كيما أطهر دينَ الله من دنَسٍ ... وأوجب الفضل للسادات إيجابا

تا الله لو ظفرَتْ كفّي بمطلبها ... ما كنتُ عن ضرب أعناق الورى آبى

[اليمان بن فاطمة المرابط]

أورد له:

سل مُستَهاماً بكم قد شفّه السّقم ... لا يرقدُ الليل من فِكر ومن قلق

قد أنفدَ الدمعَ فيما قد يكابدُه ... فالدمع في نزَفٍ والقلبُ في حرَق

يا ويْحَ من قد بُلي من حبّه بنَوى ... إن قال صِلْ مال للإعراض والنّزَقِ

وقال موعدُ وصْلي الحشرُ فاغن بما ... ترى إذا أو نهاكَ الحبلَ فاختنِقِ

كم مرة قلت علّ الدهرَ يسعدني ... بالوصل منكَ فيحيى عندهُ رمقي

قال اصطبرْ واحتسبْ ما صرتَ لاقيه ... مثل احتسابِ الشجي المشفي على الغرق

ثم انثنى مرِحاً والتيهُ يعطِفه ... ووردة الخدّ تحكي حمرةَ الشّفقِ

وقال: دعني واصنعْ ما تشاء ولا ... تلمُمْ بربعي واحذر أن تُسي خلقي

فحين أبصرَ ذُلّي في هواه رثى ... لحالتي واعترته سَورة الفَرَق

ومنها:

ومال نحوي يفدّيني بأسرته ... وسار بي لذُراه سير منطلق

وقال: خذها عَقاراً في زُجاجتها ... تلألأتْ كتلالي الشمس في الأفق

ونِل وصالي وقبّلْ عند ذاك فمي ... وعضّ خدّي ولا تعبأ بمطّرق

فلم يزلْ دأبنا هذا ومقصدُنا ... أيامَ شهرٍ جرتْ طلْقاً على نسقِ

يا حبذا زمن قضيتُ أطيبَه ... ما بين عود وناي خائر الطرق

في روضة أنُفٍ تزهو بأحمرها ... نعم وأصفرها والأبيض اليقق

<<  <  ج: ص:  >  >>